الرياض 22-9-2019م (الاقتصادية) - دافعت الحكومة الألمانية أمس عن حزمة إجراءات حماية المناخ التي اتفق عليها الائتلاف الحاكم. وبحسب "الألمانية"، ذكر هيلجه براون رئيس ديوان المستشارية في تصريحات لإذاعة ألمانيا "نريد أن يغير جميع الناس سلوكهم ليتصرفوا عن نحو يراعي المناخ بصورة أكبر. ونريد أن يفعلوا ذلك طواعية وأن يحققوا هذا التحول على نحو جيد. يجب على الجميع أن يحققوا هذا التحول على نحو تدريجي. لكننا لن نجبر أحدا على الحد من انتقالاته بين يوم وليلة". وعن الارتفاع المتوسط في تسعير الانبعاثات الكربونية، الذي يلقى نقدا من نشطاء حماية البيئة، أوضح براون "المهم في الأمر أن نطبق تداولا للانبعاثات"، مضيفا أنه يتعين على الجميع أن يتوقعوا مرحلة تحول لمدة خمسة أعوام، وسيجرى دعمهم خلالها في تحويل أنظمتهم للتدفئة إلى أنظمة صديقة. وأشار إلى أنه سيتعين على المواطنين أن يضعوا في الحسبان عند اتخاذ قرار بشراء سيارة جديدة أن تكون صديقة للبيئة. وتمكن قادة الائتلاف الحاكم في ألمانيا، الذي يضم التحالف المسيحي المنتمية إليه المستشارة أنجيلا ميركل والحزب الاشتراكي الديمقراطي، أمس الأول من تحقيق انفراجة في مفاوضاتهما حول تكثيف جهود حماية المناخ. واتفق الائتلاف على حزمة إجراءات لحماية المناخ يقدر إجمالي تكلفتها بأكثر من 50 مليار يورو. ومن بين البنود، التي تم الاتفاق عليها، تسعير الانبعاثات الكربونية الضارة بالمناخ في النقل والمباني عبر تداول شهادات الكربون. ومن المقرر البدء في تطبيق هذا الإجراء بحلول عام 2021، لترتفع أسعار البنزين والديزل في ذلك الحين بمقدار ثلاثة سنتات، حتى يصل مقدار الارتفاع إلى عشرة سنتات بحلول عام 2026. واتفق الائتلاف على زيادة بدل الانتقالات عبر وسائل المواصلات العامة بدءا من 2021، حيث من المقرر زيادة قيمة الإعفاء في ضرائب الدخل على الانتقالات بالمواصلات العامة من 30 إلى 35 سنتا لكل كيلو متر بعد مسافة 21 كيلو مترا. كما يعتزم الائتلاف خفض ضريبة القيمة المضافة على تذاكر القطارات وزيادة ضرائب النقل الجوي بدءا من مطلع العام المقبل. وهددت سفنيا شولتسه، وزيرة البيئة الألمانية، بفرض عقوبات على الوزارات الألمانية، التي لا تحقق أهداف حزمة حماية المناخ، التي أقرتها الحكومة. وعلى هامش مؤتمر للحزب الاشتراكي الديمقراطي في ولاية شمال الراين فيستفاليا، قالت شولتسه في مدينة بوخوم "هناك آلية واضحة: من لا ينجز عليه أن يتوقع عقوبة لإجباره على الإنجاز". وأضافت الوزيرة أن "شبكة الأمان" هذه هي الشيء الأهم بالنسبة لها، معتبرة الأهداف الخاصة بتقليل الانبعاثات الكربونية في مجال النقل في طليعة الأهداف "المفرطة في التفاؤل"، مشيرة إلى أن خبراء سيراجعون تحقيق هذه الأهداف كل عام. واستطردت شولتسه "حتى الآن، كانت وزيرة البيئة مسؤولة عن كل شيء، أما الآن، فالحكومة كلها مسؤولة". وفي ردها على انتقادات لتدني الأسعار، التي تم الاتفاق عليها للانبعاثات الكربونية، ذكرت شولتسه أنها كانت تتمنى سعرا آخر لافتة إلى أنه على الرغم من ذلك، تم تحقيق بعض الأهداف، وأنه قبل عام ما كان أحد على الإطلاق يعتقد بإمكانية تسعير الانبعاثات الكربونية. في المقابل، وصف باحثون بارزون في مجال حماية البيئة ومجال الاقتصاد اتفاقات زعماء الائتلاف بأنها صغيرة للغاية ومحدودة التأثير، غير أنهم أشادوا في الوقت نفسه بوضع آلية لمراجعة مدى تأثير الإجراءات. وتعتزم شولتسه التوجه إلى مؤتمر الأممالمتحدة للمناخ في نيويورك، مشيرة إلى أنه من الممكن أن تترك سياسة ألمانيا الخاصة بالمناخ انطباعا جيدا على المستوى الدولي، ومنوهة إلى تخلي البلاد عن الفحم والمفاعلات النووية في استخراج الطاقة "ونحن واحد من أوائل البلاد الصناعية التي أخذت خطوة نحو الطاقات المتجددة الخالصة". من جهة أخرى، انتقدت نقابة العاملين في قطاع التعدين والمواد الكيماوية والطاقة في ألمانيا غموض قرارات الائتلاف الحاكم بشأن المناخ، وغياب مشروع للتوسع في الاعتماد على الطاقة المتجددة. وأوضح ميشائيل فاسيلاياديس رئيس النقابة "قد تكون هذه خطوة نحو حماية المناخ على نحو أكبر، لكن يبقى أن نرى مدى ضخامة هذه الخطوة، ومدى كلفتها وتأثيرها الحقيقي، الذي سينتج عنها". وذكر فاسيلاياديس أن الحكومة الألمانية لديها فرصة خلال الأشهر المقبلة لإيضاح ملامح هذه الخطط، مضيفا أن هناك غيابا لخطط واضحة لتوسيع الاعتماد على الطاقة المتجددة. وفي إشارة إلى مشكلات توسيع شبكات الكهرباء ومزارع الرياح، قال فاسيلاياديس "نحتاج بشدة إلى ميثاق للطاقة يتجاوز القطاع المختص به، حتى يمكننا من خلاله إزالة العقبات التي تواجه توسيع الطاقة المتجددة". وأشار فاسيلاياديس إلى أن الإجراءات الخاصة بزيادة نسبة الطاقة المتجددة في إنتاج الكهرباء إلى 65 في المائة بحلول عام 2030 هي بالتحديد التفصيلة، التي تريد المستشارة أنجيلا ميركل تجنبها. وتعهدت ميركل لآلاف المتظاهرين من أجل حماية المناخ في ألمانيا بمراجعة دورية من الحكومة الألمانية لإجراءات حماية المناخ بغرض تحسين سياسة حماية المناخ. وقالت ميركل عقب مشاورات استغرقت أكثر من 20 ساعة حول استراتيجية الائتلاف الحاكم بشأن تحسين حماية المناخ، إن حقيقة أن الحكومة لن يكون بمقدورها، على الأرجح، تحقيق الأهداف التي وضعتها لحماية المناخ بخفض الانبعاثات الكربونية بنسبة 40 في المائة بحلول عام 2020، سيكون لها تبعاتها.