تقرير: سمية سراج الخرطوم 29-10-2019م (سونا) التعليم من أهم أساسيات التقدم المستدام والركيزة الأساسية لأي تطور ونماء اجتماعي واقتصادي للدول، و استثماراً للفرد والمجتمع، ويعد التعليم ضرورة من ضرورات الحياة . فقد أصبح التعليم اليوم هاجساً يؤرق كل أسرة سودانية بتكاليفه الباهظة التي تقع على عاتق الأسر السودانية خاصة والمجتمع بصفة عامة، لذلك بدأت تسعى كثير من الجمعيات والمنظمات في ايجاد حلول وسطية لمعالجة تكاليفه . جمعية حماية المستهلك عقدت مؤتمراً صحفياً بمنبر وكالة السودان للأنباء مؤخراً تحت عنوان( التعليم الخاص.. ما له وما عليه) أشار فيه رئيس المنتدى التربوي السوداني ورئيس لجنة التعليم بجمعية حماية المستهلك الأستاذ محمد الحاج إبراهيم الى أهمية التعليم، مبيناً أنه يعتبر أساس وأول الاستثمارات الذي تبني عليه الأمم تقدمها وتطورها، مؤكداُ بأن هناك رابطا قويا بين التعليم وتحقيق التقدم الاقتصادي والاجتماعي في المجتمعات، وأضاف الحاج أن لكل مواطن تتكفل به الدولة الحق في التعليم "مما يشير إلى مجانية التعليم" وقال إن هنالك دولاً اهتمت بالتعليم فنهضت وواكبت التطور والتقدم، الأمر الذي جعلها تكون في مصاف الدول مثل ماليزيا وسنغافوره واليابان، مطالبا الدولة بالقيام بمسئولياتها تجاه التعليم ودعا الحاج وزارة التربية والتعليم لضبط تصاديق المدارس الخاصة وذلك بالاشراف المباشر عليها حتى لا تصبح عبئاً على الأُسر . وقال رئيس لجنة التعليم بجمعية حماية المستهلك إن التعليم الحكومي في السودان كان يعتمد على جهات مانحة مثل المنظمات العالمية والشركات إلا أن هذا الدعم قد انخفض في الايام السابقة مما أدى الى تدني التعليم في المدارس الحكومية مسببا خلق فجوة كبيرة فيها، كانت سبباً في قيام المدارس الخاصة، مضيفاً أن المدارس الخاصة ليست خصماً على المدارس الحكومية وإنما اضافة للتعليم الحكومي، وأضاف أن من اسباب تدني التعليم الحكومي ازدحام الفصول بوجود ما يفوق ال (90) طالباً في الفصل بدلاً عن (50) طالباً، كما تعاني هذه المدارس من ضعف في البيئة المدرسية في جميع المناحي، المناشط، المعامل و المعلم .
وقال ان الشرط الأساسي لقيام المدارس الخاصة هو أن يكون مقدم الطلب معلما وله الرغبة في مواصلة هذه المسيرة و بذلك يتم التصديق المبدئي، وبعد التأكد من البيئة المدرسية المناسبة والملائمة يتم تصديق القبول النهائي، لكن الآن كثير من المدارس لا تتوفر فيها هذه الشروط، وبذلك فقدت هذه المدارس البنية التحتية تعليما جيداً في مثل هذه البيئة الضعيفة، منوها الى أن السودان لم يستطع في الفترة السابقة الصرف على التعليم بالصورة المطلوبة، و بالتالي لم يواكب العالم لأن المناهج قديمة ولا ترقى الى التطور نسبة لتدني نسبة الصرف على التعليم الذي كان لا يتعدى نسبة 1% فقط . وخلص الاستاذ ابراهيم الى أنه لابد أن تشرف وزارة التربية والتعليم المانحة للتصديق على هذه المدارس حسب الخدمة المقدمة من هذه المدرسة وتقنع بها المواطن، وتقوية قوانين التعليم الحكومي واعادة النظر في البيئة، مضيفاً أنه لابد من بناء التعليم على أسس تربوية سليمة والخروج من دائرة التلقين والحفظ الى الفهم التقني والتكنلوجي. وأبان الحاج أن الحل المناسب يكمن في تكوين بنية تحتية للمدارس الحكومية. .ولابد أيضا لآباء الطلاب من المساهمة في ترقية هذه المدارس الى جانب مشاركة المجالس التربوية، مشدداً على أن التعليم يحتاج لعمل جاد ومثمر لأنه أساس الاستثمارات وأن نسلط الأنظار في هذا العهد الجديد على التعليم التقني والفني والعالم كله يعتمد عليه . من جانبه تناول مؤسس مدارس نيو هورايزون سعد التيجاني ابراهيم مشاكل التعليم الخاص بدءاً بالمفهوم وانتهاء بغياب التشريعات مما افرز العديد من المشاكل التي اصبحت من أهم المعوقات أمام تطوره بل ألقت هذه المشاكل بظلال سالبة، مبيناً ان تصاديق المدارس الخاصة مؤخرا اصبحت لا تلتزم باجراءات التصديق لانشاء مدرسة خاصة وقال إن عدد مدارس الأساس الخاص بلغ 2709 مدرسة والثانوي868 مدرسة وعدد المدارس الأجنبية 529 مدرسة ولا يمكن بناء فرد سليم في بيئة مدرسية غير صالحة في مثل هذه البيئة المتدنية. الأستاذ التجاني اشار الى قانون التعليم في السابق الذي يشترط أن يكون مقدم الطلب معلماً، وبعد تقديم الطلب يتم التحري لمدة شهرين وتقوم لجنة من الوزارة بزيارة المقر إن كان مطابقاً للمواصفات وبذلك يتم التصديق المبدئي، وأضاف أن القانون يسمح بعد خمس سنوات بمنح قطعة أرض لانشاء المدرسة، لافتا لضرورة الرجوع للقوانين المنظمة كإجراءات التحري والتدقيق ومعاينة العقار الذي ستقام به المدرسة و أشار مؤسس مدارس هرايزون الى ظاهرة التعليم الأجنبي رغم وجود كثير من الاشراقات فيه، وأنه لا يوجد منهج موحد ومحدد والذي يوجد لا يدرس إلا في الصف الثامن ولا يوجد عدد معلمين يغطي هذا النوع من التعليم، و شدد الاستاذ التجاني على تضافر الجهود من المجتمع ومنظمات المجتمع المدني والرأسمالية لتأسيس وتحسين التعليم الحكومي ولابد للدولة أن تزيد وتسعى لتوفير كل الإمكانيات لدعم العملية التعليمية لأن لكل طالب الحق في التعليم مجاناً ولا تتقدم الدولة إلا عن طريق التعليم، وطالب بوضع قانون متنقل يمنح حق التعليم لجهة اعتبارية، مشيراً إلى أن القانون في بعض مدارس البلدان العربية لا يمنح التصديق لفرد إلا لشركة أو جهة اعتبارية، وأن يكون التركيز في هذه الفترة الانتقالية على أن يسهم الجميع في وضع المناهج حتى نواكب العالم. من جانبه أشار الأستاذ ياسر عبد الرحمن علي طه مؤسس مدارس بروقرس العالمية الى الاهتمام بالتعليم في السابق قبل السبعينيات حيث كانت المدارس تهتم بالنوع قبل الكم، ويتم التدريب ووضع المناهج بواسطة بخت الرضا في المرحلة الأولية والمرحلة المتوسطة والثانوية مناهجها وتدريبها عبر معهد المعلمين العالي وكان التعليم الأكاديمي والفني والصناعي كل المدارس والداخليات على نفقة الدولة، يأتي التعليم الحكومي في الأولوية ثم التعليم الأهلي وسميت أهلية لأنها كانت تقوم بأشراف الأهالي، ليعطي فرصة للطلاب الذين لا ينتسبون في التعليم الحكومي و حيث كانت هناك محدودية للمدارس الاهلية، مضيفاً أن التعليم في المرحلة الثانية بدأ في التوسع في المدارس الاهلية وكانت تحت اشراف الدولة. وخلص الاستاذ ياسر الى أن التعليم يحتاج لثلاثة أشياء مهمة لابد من توفرها "معلم مدرب، منهج مواكب ومعاهد تدريب" و أشاد الاستاذ عبد الرحمن ببعض المدارس الخاصة التي توفر معامل حواسيب واللغات أو العلوم، وشدد طه في توصياته بأن الحل الأساسي في ضرورة وجود ارادة سياسية قوية، مشيداً بمعهد بخت الرضا عندما قام في العام 1930 في بيئة كانت سيئة وظروف قاسية وجعلت همها الأول الاهتمام بالمعلم ، داعيا الى اهمية تقوية التعليم العام واعادة البيئة المدرسية الى سابق عهدها وشدد على أن لا يتم تصديق المدارس الخاصة إلا لمعلم مدرب ومؤهل وقال "نحتاج لتعديل القانون واللائحة الخاصة بالتعليم الخاص ". الجدير بالذكر بأن النظام التعليمي في السودان يواجه تحديات كبيرة تتمثل في البيئة المدرسية، المناهج، المعامل، واماكن مزاولة الانشطة المختلفة وهذه التحديات الكبيرة تنعكس على العملية التعليمية في جوانبها المختلفة المتمثلة في ضعف الإعداد التعليمي والتربوي في كليات التربية لعدم مواكبة هذه الكليات للتقدم التكنولوجي المتسارع والانفجار المعرفي في مجال العلوم والوسائل التعليمية .