في أدبيات الخطاب العالمي هناك الكثير عن اللصوص الظرفاء ومنهم الفرنسي أرسين لوبين ، وهو شخصية ابتكرها الكاتب الفرنسي موريس لوبلان ، وصاحبنا لوبين لص شهم لا يسعى الى الثراء وانما الى كشف الجريمة ، لكن مع متغيرات الزمن ظهر على سطح الأحداث لصوص من نوع مغاير ، لصوص وجوههم مغسولة ( بمرقة ) يعني بالمفشتر يضربون ضرباتهم دون خوف أو خجل ، وهؤلاء اللصوص ليسوا من العامة وأنما من اصحاب السلطة والصولجان وتكثر هذه النوعية في الدول النامية ، ويقف السودان مثل ( الهمبول ) على رأس قائمة الدول المبتلاة بمثل هذا النوع من الحرامية ، ودقي يا مزيكا ، المهم من طرائف ما يحكي عن اللصوص الظرفاء في هذا الزمان ، حكاية لص بريطاني يغير على البيوت ويبحث أولا عن الاكل وبعد ان ( يضرب ) ويملأ بطنه بما لذ وطاب يبحث عن موضع لينام فيه وبعدها يتوكل على الله ويبحث عما يسرقه ويغادر، موقع الجريمة بعين قوية ولا من شاف ولا من درى ، هذا الحرامي ابن الذين صاحب الجرأة والعين القوية يذكرنا تماما بحرامية المال العام في السودان ، ولكن هناك فرق بين الحرامي الإنجليزي الذي يأكل وينام وبعدها يسرق ويذهب الى حال سبيله ولصوص المال العام في السودان ، وهؤلاء أقصد حراميتنا أولاد الذي والذين يلهفون بعين قوية وينامون في وظائفهم التي يسيل لها اللعاب ، ولا يغادرون مواقعهم كما يفعل الحرامي الإنجليزي ، وحراميتنا حكايتهم حكاية فهم ليسوا من العامة والغلابا المسحوقين في الأرض وانما ، هم ناس ( كشخه ) ، سيما وقيمه ينتمون الى قبيلة المحاسيب وكبار التماسيح ، الذين كانوا مجرد ناس حيلتهم ( اللضا ) ، وقد ظهرت هذه الفئة قبل حوالي ربع قرن أو قليل ، اي مع إنطلاقة ثورة الإنقاذ ، طبعا لا يمكن ان نلوم هؤلاء ( الأذكياء ) الذين وجدوا الفرصة مواتية ل(إنقاذ ) انفسهم من الحالة المزرية التي كانوا يعيشون فيها ، وبين ليلة وضحاها ، اصبحت ارصدتهم متضخمة ليس في السودان فحسب وإنما في الخارج من خلال عقارات وحسابات مصرفية لا يعرف الجن الأزرق مكانها ، والسؤال الذي يقف مثل ( شوكة الحوت ) ، هل يمكن الكشف بشفافية مطلقة عن أسماء التماسيح الذين تضخمت ثروتهم في عهد الإنقاذ ؟ ، كما حدث بعد الثورة المصرية حيث طال الاتهام بالفساد الرئيس المخلوع حسني مبارك ونجليه وزوجته وعدد كبير من ازلام النظام الذي ذهب الى مزبلة التاريخ ، بالتأكيد ان الكشف عن حرامية المال العام في السودان سيفتح خارطة طريق كبرى ، وتبدأ بعده التداعيات بالكشف عن بلاوي زرقاء وحمراء عن حجم الفساد من أصحابنا الكبار في السلطة ، أو قولوا في ( السلطة ) بفتح السين واللام ، وكله ماشي ، آخر الاحصائيات تؤكد أن صادرات السودان غير النفطية بلغت 34 في المائة في الربع الاول من العام الحالي ، لكن السؤال كم بلغت عمليات اللهف التي واكبت هذا النمو ، عموما لا أتصور أنه يمكن الكشف عن حراميتنا بجلالة قدرهم ، لأنهم ينامون في العسل ، والشخص الذي ينام في العسل ممنوع من الضرب ، لأن الضرب والسحق لأولاد الكلب الغلابا أمثالي وأمثال الملايين من أبناء الشعب السوداني .