قديماً كان العيد يمثل ملتقى يجمع الأهل والأصدقاء من كل صوب في مكان واحد ليجتمعوا ويتشاركوا في فرحة العيد، ولكن انحسرت هذه العادات الجميلة كثيراً وكادت أن تكون حصرية على أهلنا في ولايات السودان المختلفة الذين مازالوا يحرصون عليها، وربما ترجع قلة التواصل بين الأهل والأصدقاء في العيد إلى التطور الكبير في مجال الاتصالات وخاصة في الهواتف النقالة التي اكتفى بها الكثيرون بالمعايدة من خلال الاتصالات أو الرسائل التي سيطرت تماماً على تواصل الناس في العيد وتبخرت معها أغنية الفنان محمد الأمين «العيد الجاب الناس لينا ما جابك».. حيث تفنن الناس في أسلوب كتابة رسائل تهاني العيد وتنوعت ما بين رسائل جادة أسماها البعض «أبيت اللوم» وهي رسائل مختصرة جداً على شاكلة «عيد سعيد وكل عام وأنتم بخير»، أما البعض الآخر فقد احتوى على عبارات شعرية وكلمات رقيقة على شاكلة «على قوس من الألوان ترسمني حكاياتي.. أعيد كتابة الأشواق ألحاناً نديات.. أعمدها بنور الشمس ألبسها تحياتي.. وأرسلها وقد فاحت عبيراً فاح من ذاتي.. إلى من في تواصلهم تلازمني مسراتي».. وأيضاً عمت رسائل تبعث الأمل لتجدد العزم على معانقة النجاح وتحقيق الطموحات المستقبلية مثل عبارات «لكل صباح حكاية تخبرنا أن الأماني مهما تأجلت سيأتي فجرها لتشرق من جديد.. كل سنة وأحلى الأماني محققة»، وأيضاً رسائل الفرح لكل العزابة تسبقها التهاني أملاً في إكمال نصف الدين فحوت رسائلها نصوص بسيطة، لكنها معبرة للحد البعيد مثل «القابلة مجرتق ومحنن والحبايب حوليك يغنو ليك العديل والزين.. عيد سعيد».. ولم تخلو رسائل العيد من مداعبات أهل الرياضة وخاصة من القبيلة الحمراء أهل المريخ لأندادهم القبيلة الزرقاء أهل الهلال الذين صادفهم العيد بهزيمة فريقهم أمام القطن الكاميروني 2/صفر، فكانت فرحتهم بالعيد غير مكتملة ووصلتهم رسائل المداعبة من المريخاب على شاكلة «كيف حلج القطن في العيد بصراحة صعب وحار شديد.. عيد سعيد وركزوا على مراتب الأسفنج الجاهزة (الدوري المحلي) القطن ده ما بتقدرو عليهوا».. وشكلت الرسائل الإيمانية الحضور الطاغي في العيد مثل «بنفحات الإيمان وآيات القران وبذكر الرحمن وبالصلاة والسلام على خير الأنام عيد سعيد وكل عام وأنتم بخير».. وأيضاً كانت هناك رسائل استخدم أصحابها الذكاء الحاد لإيقاف الأصوات التي تنتقدهم وتنتقد أداءهم وتهديهم للصواب مثل «كان شعارنا في رمضان اللهم إني صائم فهل يمكن أن يكون في باقي الشهور اللهم إني مسلم».. نعم يمكن أن يكون ولكن بدون رياء أو نفاق.. فالساكت عن الحق شيطان أخرس. وأيضاً هناك رسائل لا تخلو من الطرافة بعثها عدد من ظرفاء المدينة على شاكلة «خاص.. كل عام وأنتم بخير.. نظراً للظروف الاقتصادية وارتفاع الأسعار هذه التهنئة صالحة لمدة ستة أشهر وتشمل.. رمضان وعيد الفطر وعيد الأضحى و السنة الجديدة.. ودمتم بخير شعارنا لا خسائر».. وغيرها وغيرها من الرسائل المتنوعة، ولكن الهدف في النهاية واحد هو المشاركة في فرحة العيد.. لو جاز قولي لاسعدت الوري طرباً ان التهاني علي مقدار مهديها ..لو كان يهدي الي الانسان قيمته لكانت قييمتكم الدنيا بما فيها.. كل عام وأنتم بخير..