صحيح كيف ندير Who to runأين الخطة الموضوعة وما مصير التوصيات السابقة ؟.. أن تدخل الحكومة لصالح المواطن المغلوب على أمره مرحب به ويطلق عليه فى علم الإدارة الحديثة «الحلول الدرامية الجراحية» التى لابد منها لتجاوز الوضع الحرج، لكن الأهم هو وجود خطة صارمة لا تحتمل المراوغة والمتاجرة بمصالح الناس وتسيئ إلى«المؤسسية»إن وجدت. أشرنا إلى إنه كان لحكومة البحر الأحمر وللقنصلية بجدة دور المنقذ لأوضاع مسيئة اخترقت تقاليد السفر المعمول بها عالمياً وأساءت لسمعة المطارات والموانى المنسوبة لتحضر البلدان.. وهذا التدخل يدل على أن الحكومة ترى وتسمع وتقرأ، لا تحتاج لمن يبصرها بموضع البغلة التى تعثرت على نهر دجلة أو يشير عليها بمواضع الكي فهي «عارفة كل حاجة» كما يقول عادل إمام ، المهم أن تتحرك فى الوقت المناسب. وتبقى فكرة «الحكومة» فوق الطوارىء والاستثناءات قائمة على التخصص والاختصاص والمسؤولية والمحاسبة، فأين أهل هذه الصفات وماذا فعلوا بالتوصيات والآراء التى بذلها الخبراء وأهل الرأي والحكمة والوجعة؟ هذا السؤال قائم سواء فى مجال إدارة العمرة والحج والنقل الجوي والبحري أوغيرها من المرافق الحيوية التي مازالت متهمة بالتقصير وفقر الحيلة وفقدان الابتكار فى مواجهة شكاوي جمهورها بينما مؤسسات مماثلة أفلحت فى مواجهة تحدياتها وتجاوز أزماتها وأصبحت نجاحاتها على كل لسان. تترى التوصيات أمام الفنادق الطرفية، بعضها مكرر وبعضها على طريقة«فتح خشم البقرة». لقد سمعت البعض يقترح حصر الحكومة على الوزراء والمديرين الذين نجحوا فى حل مشاكل المؤسسات التى تتعامل مع الجمهور وتكليفهم بإدارة المرافق التي بقيت في خانة التقصير، أي «حكومة مُجَربين» - بضم الميم وفتح الراء . إن هواجس التجربة والتوصيات السابقة تأتي من قبيل الحرص على المهنية والكفاءة المكتسبة ورأي الجماعة الذى لا تبلى به الأمم ، فأين تذهب هذه وتلك؟..أين توصيات المؤتمرات وورش العمل العديدة حول الخدمة المدنية والمال العام وتبسيط الإجراءات والجودة والتخطيط الاستراتيجي؟. في فندق مريح جوار الحرم النبوي الشريف تحلق الناس وقد استطاب الحال فوزعت عليهم استمارة حول إجراءات العمرة وتوصياتهم لتحسينها.. كان الأمر مستهجنا لأن ذلك حدث من قبل ولا أثر للتوصيات السابقة، ولكن البعض أجاب تعاطفاً مع موقف حامل الاستبيان، وقد أرهقه النقد وغلظة الاستقبال.. الإجابة ب« لا» كانت إجماعاً وجهراً ومسيطرة نفسياً على شعور الناس بأنه لاجدوى من أي توصية جديدة مصيرها معروف سلفاً. صحيح أين الخبرات والتوصيات السابقة ؟ ولماذا تتكرر الوعود كل مرة بأن الحال أفضل من سابقه بينما النتيجة عكس ذلك تماماً والدليل عمرة رمضان هذا العام كما لاحظ الكافة وتناقلت القنوات والصحف وأفواج العائدين الذين أمضوا الليالي يفترشون الأرض بالمطار والميناء وقد ضرب عرض الحائط بالزمن والحجوزات وأعصاب أناس ممن أكرمهم المولى عز وجل. البحث عن أهل التجربة والتوصيات والراسات القابعة في الأضابير وتفعيل العمل بها كفيل بأن يأتي بالفرق، ليس في مجال إدارة العمرة والحج وحسب، وإنما في كل المجالات الحيوية من إصلاح الخدمة المدنية عصب التنمية والعدالة الاجتماعية المنشودة إلى صون المال العام وإرساء دعائم الحكم الراشد إلى السلام المستدام المرتجى مازال.. هل نحتاج لمؤتمر قومي حاسم هذه المرة لحصر وتنفيذ التوصيات والحلول المقترحة في كل مجال حيوى يتعلق بمصالح المواطنين وبهوية البلاد ثم تحديد المسؤول عن تجميدها؟ لنقل إنها مشكلة «تنفيذ» وهذه خطوة مهمة قبل الدخول فى تجربة جديدة لقول لايتبعه عمل كما يقول مهندسو الجودة «افعل ما تقول»..وهو أيضاً ما قيل فى مداولات إعادة الهيكلة وإعداد الخطة الخمسية الجديدة «2012 - 2016»، حيث لاحظت علو فكرة «التنفيذ» والإعتراف بمآخذ «طريقتنا القديمة فى العمل» وبكلما يستخف بالخطط الموضوعة وبالكفاءات المجربة والتوصيات المتفق على أنها هى العلاج ولا سبب لتجاوزها إلا لأنها ضمن جهود ومبادرات تبناها غيرنا ممن لا نميل إليهم أو رحلوا عن المنصب أو الدنيا .. هذا زمن موفور الفرص ويلح على الانعتاق من الأساليب القديمة والتفكير التقليدى والتعصب للذات، ويحفز على التعلق بأهداف القيم وبأهداف الحكم الراشد.. ومن أجل بداية صحيحة ولو متأخرة فى الاتجاه الصحيح وبخطة ناجعة تستبطن ضمانات تنفيذها، دعونا نتخلى كلياً عن الاستهانة بتنفيذ الخطط والتوصيات وإدمان«البداية من الصفر» فى كل مرة وكأنه لا أحد قبلنا ولا بعدنا.. دعونا نتبرأ من وعود لاتنجز وقول لا يتبعه عمل ، فالعاقبة وخيمة بدء بالإحباط من جراء «التجريب» والبقاء فى نفس المكان بينما العالم حولنا يستعصم بقيم الإحسان ويتنافس بالأجود ويتطور كل يوم. ثم إن الأمر في نهاية المطاف عصيب فلقد«كبر مقتاً عند الله أن تقولوا ما لاتفعلون» إنه قرآن يتلى« الصف 3»، ويقول المفسرون إن«المقت» هو أشد البغض، وإن الآية نزلت فى مقام توبيخ من يقول ولا يفعل ، يعد ويتنكر، ولاحول ولاقوة إلا بالله.