الدكتور المحترم عبد الرحمن الخضر.. و«خفت» أن أستهل خطابي إليك.. بالصفة الحبيبة إلى نفسي.. وهي.. «الصديق» الدكتور والي الخرطوم.. تراجعت مسرعاً.. حتى لا يظن بعض الأصدقاء إن قدمي قد انزلقت إلى حياض المؤتمر الوطني.. لن يصدقني أحد.. إن أقسمت برافع السماء بلا عمد.. إن الذي بيني والمؤتمر الوطني.. بيد دونها تلك البيد التي بكى من اتساعها وطول مسيرها المتنبيء، وهو ينوح كما الخنساء.. لأنها وقفت سداً وحاجزاً بينه وحبيب روحه وولي نعمته.. سيف الدولة.. لن يصدقني أحد.. حتى وإن أقسمت بالشعب والأيام الصعبة.. وبشرفي.. وهو قسم عندنا خطير وقاطع.. أقول حتى لو أقسمت بأنني والمؤتمر الوطني خطان متوازيان لا يلتقيان إلا على كراسة بليد.. أوحتى يغير المؤتمر جلده.. ويتوب ويستغفر ويتبرأ من كل تلك الاثنين وعشرين سنة وتزيد.. مع إعادة عقارب الساعة وجرجرة الشمس ليوقفها عند مغرب يوم 29/يونيو.. ليعود البرلمان ذاك الذي.. يمتلك فيه صادق المهدي.. مائة نائب و «زيادة» ومولانا.. ستين نائباً.. وأنتم.. ورغم أنوفنا تمتلكون أكثر من خمسين نائباً أتوا عبر انتخابات ديمقراطية.. نظيفة.. زاهية.. ومزهوة.. نعود إلى موضوعنا.. بعد أن أسهبنا في هذه «الونسة» الراقية معك.. ولك أقول.. ولا يهمني..رأي كل الدنيا.. فيما أقول.. وهو إني من الذين يثقون جداً.. في قدراتك ومقدرتك في ملء أخطر وأجل وأقسى وظيفة دستورية.. في هذا الوطن.. بل إني من الذين يعتبرون.. أن الذي ينجح في إدارة ولاية الخرطوم.. هين ويسير عليه أن يدير الوطن كله من داخل القصر الجمهوري.. مرة أخرى أقول.. إني أراك ومعك بعض الأحبة من المؤتمر الوطني.. وإن كانوا يعدون على أصابع اليد الواحدة.. هم شخصيات بالغة البهاء والوطنية.. والإشراق.. بل أذهب أبعد من ذلك لأقول.. إن أي تنظيم أو حزب أو نظام يفخر ويتيه بل و«يقدل» مزهواً بهم.. وكلام سري جداً وهو أني كم قد تساءلت في دهشة.. وفي سري أيضاً «بالله الناس ديل.. عبد الرحمن الخضر ومعاه ثلاثة أشخاص من «الأخوان» الرماهم في الناس ديل شنو».. والناس ديل طبعاً هم الذين جعلونا نبصر النجوم واضحة ساطعة مضيئة في «عز الضهر». والآن يا دكتور نقول.. لك.. حديثاً أنت تعرفه جيداً.. وتدركه تماماً.. ولكن لا بأس من التذكير والطرق.. بلا ملل.. وهو أن شعبك في ولاية الخرطوم.. يعيش أهوالاً من العذاب.. يصطلي بنيران الأسعار التي أكلت اللحم وتزحف مسرعة نحو العظم.. إن رعاياك في هذه الولاية.. تيبست أجسادهم وأعشى البكاء عيونهم.. وباتوا تحت رحمة سوق لا يرحم.. وانفلات أسعار مجنون.. بل سوق بات قطعة من جهنم.. ثم لعلك تذكر.. إنه وفي أول عهدك بهذه الولاية.. وكنا حضوراً كبيراً وكثيفاً وحصيفاً في دارك العامرة.. وفي منتصف رمضان أو هي الأواخر من رمضان وكان اللقاء.. لتطلعنا.. على موعد انطلاقة أو بداية التشغيل لشركة مواصلات ولاية الخرطوم.. تحدث الأخوة من الصحفيين وإدارة الشركة كثيراً وطويلاً.. حتى الساعات الأولى من فجر اليوم التالي.. كنت أنا التزم صمتاً.. بل كنت قد نذرت صوماً.. ولم أكلم أنسياً في ذاك الأمر المتعلق بالبصات والشركة والمواصلات.. فقد كنت أرى أن الحديث عن «المواصلات» رغم أهميتها ترفاً وغناءً للأشجار.. لأنه يعني السكوت عن جرائم أشد هولاً.. والجرائم التي كانت تضيء وتومض.. أمام ناظري في ذاك الوقت هي.. «المعيشة».. التي أعيت كل مواطني الولاية إلا طبقة.. مخملية مترفة.. أو شريحة.. «متمكنة» ومحظوظة.. وفجأة.. يشرح الله صدري.. ويحل العقدة من لساني.. وخاطبتك.. قائلاً.. إن سياسة تحرير الأسعار والسوق الحر.. والخصخصة ورفع الدولة يدها.. عن كافة موارد الإنتاج.. ليست شيئاً مقدساً ولا هي.. سنة أو فرض.. إنها اجتهاد بشري أرى أنه قد جانبه الصواب.. بل هو الذي أوصل المواطنين إلى هذه الحالة من البؤس والفقر.. والفاقة واستحالة الحياة.. وعليه أرى أنه يجب أن تخترق ولاية الخرطوم هذه السياسة بجرعة «ماركسية» آمنة وليست بها أي آثار جانبية..» انتهى حديثي.. وكانت اجابتك.. نعم يمكن أن نخترق كولاية هذه السياسة.. ولكن ليس بجرعة «ماركسية» بل برقية إسلامية طيبة إن شاء الله».. وانتهى حديثك.. وما زلنا.. بل مازلت أنتظر ويقيني وقناعتي.. و «ما ماخدني شك» إن انتظاري وانتظار بني ولايتي سوف يدوم طويلاً..