لا أعرف أولاد البرير.. ولا أدري أين تقع المصانع ..ولكني أعرف أن شعوراً بالمرارة والحزن قد أصابني وأنا اقرأ حجم الحريق الهائل الذي التهم خمسة مصانع كاملة لمجموعة البرير أمس الأول واستخدمت فيه أكثر من «40» عربة ووحدات إطفاء لإنهاء هذا الحريق الضخم الذي قدرت خسائره بمليارات الجنيهات الأمر الذي جعل الحريق الحدث الأهم والأول على صفحات الصحف الصادرة في الخرطوم ويتصدر المجالس والمنتديات. وربما يعكس عدد العربات والوحدات والآليات المشاركة فيه ضخامة الحريق كما انه يشير لقدر من التطور في وسائل الدفاع المدني والمكافحة ولو لا هذا العمل الدؤوب الذي عزل مصنعاً يحوي مواد كميائية ومصانع أخرى لحدثت أكبر كارثة في هذه المنطقة الصناعية المهمة في الخرطوم. قبل أيام وأنا قادم من شندي رافقني أحد أقربائي وعندما سألته عن أحواله وأين هو الآن؟ قال لي كنت أعمل في محطة بري للكهرباء القديمة التي احترقت قبل سنوات وأتت النيران عليها بالكامل هل تذكرونها؟. قال لي.. في ذاك اليوم وفقدت عدداً من أصدقائي ولا زالوا في عداد المفقودين لقد التهمتهم النيران قلت له هل كان الحادث بفعل فاعل، قال: لا كانت شرارة لحام وأدت الى زوال أعرق محطة كهرباء في السودان ومعها هذا الحجم الهائل من الخسائر البشرية.. قال : احترقت المحطة وفقدنا وظائفنا ولم يتم تعويضنا حتى الآن يعني حريق وخراب ديار!!. الشاهد في هذا الأمر أننا تحدثنا بعد ذلك والعربة تطوي بنا المسافات في طريق التحدي عن ظاهرة الحرائق وأسبابها والتي تأتي دائماً نتيجة الإهمال ووجود تخلف بشري في كيفية تأمين المرافق والمنشآت وإبعادها من شبح الحرائق وهذه الكوارث. والآن نتابع جميعاً هذا الحريق المؤسف ليؤكد ما قلناه وكتبناه في هذه المساحة بأننا نحتاج لثقافة من نوع جديد للتعامل مع الحرائق. وتعلم مثل هذه الثقافة يبدأ من داخل المنزل فدعونا نسأل أنفسنا هل يملك أي منّا طفاية حريق في منزله؟ وإن كانت الإجابة بالإيجاب.. فهل هي صالحة للاستخدام؟؟ وهل يعرف أفراد البيت كيفية التعامل معها وأيضاً نسأل هل توجد طفاية داخل العربية، وكم مرة تهربت من تركيبها داخل حوش الترخيص؟. والسؤال الأهم ونحن نتحدث عن الحرائق متى تنطفئ نار الحريق السياسي في هذا البلد؟ وهي نار ظلت على الدوام تلتهم كل ما هو غالي ونفيس في هذا البلد وهل هناك أغلى وأنفس من الإنسان!! انظر لأي سوداني في ملامح وجهه وأسأل نفسك من الذي أحرق وشوه هذا الوجه الجميل؟