بعيداً عن أية محاولة لخداع النفس والذات والإنزلاق إلي جحور الأوهام التي يراد دفع السودان نحوها في أعقاب ما نقلته وكالة تابعة للأمم المتحدة عن مسؤول بالمنظمة الدولية وقوله في تقرير إن شرق السودان بركان علي وشك الانفجار لأن الغضب هناك يتصاعد بسبب تراجع التنمية الاقتصادية وانتشار الأسلحة..أقول بكل الصراحة وبكل الوضوح إن كل ما سمعناه علي ألسنة المسؤولين الأمريكيين وحلفائهما يندرج تحت مظلة سلام آخر غير السلام الذي ننشده في السودان. ولا لزوم هنا للتعليق علي حديث الزعيم القبلي السوداني الذي يظهر مدى حبه وشجاعته لأنه طالب بحقهم وقوله ، إن كثيرين من قبيلته يعتقدون أن الوضع لم يتحسن بالنسبة لهم حتى بعد خمس سنوات من الحرب، مُشيراً إلى أنه لم تتوفر لهم بعد مرافق مثل المدارس التي وعدتهم الحكومة بإنشائها. ولن اعلّق أيضاً علي حديث المسؤول السوداني بوزارة الإعلام السودانية الذي رفض التقرير بوصفه غير دقيق وقوله أنه جاري تنفيذ برنامج إنمائي كبير في الشرق وأن معظمها يتمثل في مساعدات مالية وأن زعماء من الشرق يشاركون في الحكومة الجديدة. كما إنني لن اعلّق علي حديث مفوَّض العون الإنساني بولاية كسلا حول تلقي حكومة ولايته إعتذاراً رسمياً من مكتب الأممالمتحدة وبرنامج الأممالمتحدة الإنمائي بشأن التقرير. وإنني أقول بكل صراحة إن هذا النوع من التقرير الذي نشرته وكالة الأنباء التابعة للأمم المتحدة مسيء إلى السودان أكثر من اساءته إلى الحكومة السودانية ، فهذا النهج العدائي لا يخدم العلاقة بين الشعب والحكومة، وستفقد الحكومة المزيد في حال استمرت المنظمات الأجنبية وغيرها علي هذا المنوال، ولا حاجة بنا لتذكير الحكومة والشعب السوداني مدونة السفير البريطاني! ومن المؤسف أن نشهد بقايا نظام الوصاية تُحاول من جديد استعمال(العدة القديمة) للتفرقة والتحريض والدس وحتى التخوين بغية إعادة بسط سيطرتها علي المجتمع المدني والسياسي، من خلال محاولة ضرب وحدة السودانيين وزرع الشك في نفس أبناء هذا الوطن. ويجب أن يكون واضحاً لجميع المنظمات الأجنبية وغيرها إن أي شل لاستقرار السودان سيقابله تحرك شعبي شامل وجامع لكسر الحماية الحكومية التي توليها للمنظمات الأجنبية المتواجدة بالبلاد، فلا تعود القضية قضية تقارير ومدونات واعتذارات بل كيفية مُعالجة مثل هذه التدخلات الأجنبية المستمرة في تنفيذ المؤامرة علي السودان والسودانيين. وفي اعتقادي إن الكرة اليوم هي في ملعب بعيداً ، والشعب السوداني اظهر كل ايجابية ممكنه من أجل استقراره ووحدته ، ولا يمكن أن يبقى مكتوف أمام استمرار تنفيذ حكم الأعدام بوطن وشعب رفض الركوع والرضوخ ! فازاء معادلة بقاء سلطة الوصاية تنفّذ رغبات الخارج في مقابل إسقاط المشروع السوداني الوطني لا خيار أمام الشعب السوداني لإسقاط سلطة الوصاية من أجل المشروع الوطني. وأود أن أُكد أن الشعب السوداني أصر علي العيش معاً ، هذا الأصرار الذي دفع الشعب السوداني شهداء رووا بدمائهم أرض الوطن كل الوطن ، ووقعوا بالدم بأن لا عودة إلى الوراء ، وبأن السودان واقع وحقيقة بشعبه وأرضه ، ولا سيما الجيل الجديد منه الذي اظهر تمسكاً بالحياة والحق والحقيقة حتى الموت ، لن يرحم بعد اليوم تجار الهيكل! وإذا كان البعض يعتقد والاعتقاد إلي حد ما صحيح بأن المناخ الدولي الراهن قد وضع حكومة السودان في خنادق الدفاع أمام هجمة شرسة من الافتراءات والدعاوي الكاذبة وأن ذلك أمر فوق طاقة الحكومة السودانية، فإن هناك من يري وأنا منهم أن هذا المناخ برغم عتمته وضبابيته فإنه يمكن أن يكون مدخلاً لفرصة لن تتاح لنا بسهولة مرة أخري لكي نعيد ترتيب أوضاعنا ترتيباً صحيحاً يرتفع إلي مستوي وحجم التحديات والمخاطروالأسوأ من ذلك أن يتواصل الانشغال بأي حريق بعد إطفائه وأن يسعي البعض للنبش من جديد في الرماد المحترق بهدف اثارة الأتربة واشعال نيران الفتنة مرة أخري لكي تروج بضاعة التهييج والتحريض والإثارة التي لا يجيدون سواها. وهذه الحقيقة ليست قدراً مكتوباً علي رءوسنا لا نملك الفكاك منه وإنما هو في الأساس يرجع الي غياب وتغييب الفهم الصحيح لأهمية الأخذ بالقواعد والأساليب الحديثة نتيجة إصرار البعض علي البقاء في خنادق الفكر القبلي وعدم قدرة البعض الآخر علي التنازل عن مكتسبات الجمود البيروقراطي المزمن. ومن أجل مساعدة الحكومة في متابعة المشكلات المختلفة في السودان، فإننا ندعو الشعب السوداني إلى هدنة علي أن تكون موقتة ومحددة في الزمان، كي لا تبقى المشكلات ملفاً معلقاً إلى ما شاء الله وسلعة ابتزازية وسيفاً مسلطاً فوق رأس السودان. فالكرة اصبحت في الملعب الحكومي علي أمل أن تتعاطي مع جميع المشكلات بايجابية مع مطالب الشعب السوداني ، حتى لا يضطر إلى إلغاء الهدنة واللجوء إلى كل الوسائل المشروعة للدفاع عن حقوقه، آملين في تحويل هذه الهدنة الموقتة سلاماً حقيقياً وعميقاً بين الشعب السوداني وحكومته. وبالعودة لتقارير الأممالمتحدة التي تصدرها عن السودان بين الحين والحين ، يبدو أن المجتمع الدولي مازال يحاول تحريض تلك الأدوات مستعملاً (حصان طروادة) داخل المجتمع السوداني للانقلاب علي السودان والاستقلال، نسف الاستقرار ربما بنفس الوسائل التي استعملتها في ولايتي جنوب كردفان والنيل الأزرق. فيا معالي مسؤول المنظمة الدولية التابعة للأمم المتحدة الشعب السوداني يعرف(اللعبة الأمريكية وحلفائها) ويعرف أنها(نصب) في(نصب) وقد حُرمت هذه اللعبة لما فيها من غش وخداع ، والضمير الأمريكي وحلفائه الذي تكشف عنه التقارير التي تصدرها المنظمات بمختلف أنواعها ومسمياتها لا يرتفع كثيراً عن هذه اللعبة الممنوعة. والعداوة التي تقودها أمريكا وحلفاؤها لنا ولكل الخير في السودان .. لا أكاد أتصور إن في السودان إنساناً له مشاعر الإنسان يرى أمريكا وغيرها تدوس بأقدامها علي أعناقنا في كل مكان ثم يجد نفسه قادراً علي تمجيد أمريكا أو غيرها ، أو حتى مصادقتها .. إنني أشك في آدمية من يُمجدهم في السودان ، نعم أشك في آدميتهم لأن أول مميزات الإنسان أن يحسّ بكرامة الإنسان. وخلاصة القول : يا معالي المسؤول الأممي ليس هناك من جديد بشأن التقارير التي تصدرها أمريكا وحلفاؤها والذي ينظر في هذا(النتاج الأمريكي وحلفاؤه)يجده لا يخرج عن هذه الأشياء(انتهازية قرصنة تزوير تزييف خداع سيطرة هيمنة استعمار استغلال)مما أوضح لنا مدى انزعاج أمريكا وحلفاؤها من السودان المستقبل، ومدى عدائهم للسودانيين الأحرار عشاق الحرية والديمقراطية والكرامة ، ومدى إصرار أمريكا وحلفاؤها علي فرض الوصاية علي وطننا بهدف تذويبه .. لكننا أصحاب حق وبحقنا سننتصر إن شاء الله.