ظلت العلاقات بين الجامعات وأنظمة الحكم المختلفة تتميز بالشد والجذب في مختلف الفترات ، وكانت الاتجاهات السياسية تتحكم في ذلك وأشهر هذه الفترات كانت فترة الحكم المايوي ، حيث كانت تنظيمات الطلاب تكاد تكون فروعاً للأحزاب خارج الجامعات ، وأن الكثير منها كان يأتمر بأمرها ، وفي جامعة الخرطوم على وجه التحديد كان بعض الطلاب يهتفون «جامعة حرة أو لا جامعة»، وكان الطرف الآخر يرد عليهم «لن تظل الجامعة جزيرة رجعية وسط محيط ثوري هادر» ويعتبرون أن السلطة كانت سلطة ثورية ولابد من ارتباط الجامعة بها. ولكن مع مرور الزمن تغيرت الجامعات وأصبحت جزء من العمل الوطني ورغم استقلال التعليم العالي إلا أن الاستقلال لا يعني الانعزال ولا يعني الانكماش عن الدولة.. إن عالم اليوم يحتاج إلى التعاون في كل مجال وما عادت الجامعات تعمل بعزله عن هموم الناس ، ولن تظل قابعة في أبراج عاجية كما كانت توصف أوضاعها. ان تكامل الأدوار قد أصبح الآن مطلوباً وأن الأوضاع الاقتصادية للبلاد وللجامعات أضحت تحتاج إلى التعاون لتطوير الجامعات في مجالاتها الإنمائية والحرفية والأكاديمية. وقد أنتبهت ولاية الخرطوم إلى أن قطاع الجامعات قطاع هام ولابد من التعاون معه ضماناً للاستقرار الأكاديمي والسياسي ، وضماناً لتقديم الخدمات بهذا القطاع الطلابي العريض المؤثر ، وأن الطلاب أنفسهم اكتشفوا أن الجامعات فعلاً يجب ألا تكون جزر معزولة ، وأن مصلحة القطاع الطلابي تتطلب التعاون والتكامل مع السلطات بمفهوم الشراكات الزكية لتطوير التعليم العالي وانفاذ سياسات الولاية في مجال تقديم الخدمات ورعاية الطلاب وتحسين وتطوير وجه العاصمة.. وقد قدمت الولاية عدة دعومات في مجال البنى التحتية للجامعات، وقد تمثل هذا الإهتمام والتعاون بصفة خاصة مع جامعة الخرطوم فتم تكوين لجنة تنسيق برئاسة دستوري من الولاية والأستاذ د. سمية أبو كشوه نائبة مدير الجامعة من طرف الجامعة. وقد تم الشروع في إنشاء عدة مشروعات تنموية تعود فائدتها على الجامعة والطلاب وعلى المجتمع عموماً. ومن أهم هذه المشروعات المقترحة مشروع إنشاء المنتزه الترفيهي وتحسينه وتطويره وهو ما يعرف الآن بحدائق السلام ، ويشمل ذلك إنشاء أيضاً منتزه ترفهي ضخم في حدائق وأراضي الجامعة بسوبا، وقد خطط له بأن يكون الأول بالسودان ، وسيضم حدائق للحيوان وفنادق ومسارح وميادين لمختلف الألعاب وأحواض للسباحة ، ويأمل مقدموا دراسته أن قيامه سيؤدي إلى جذب وسط العاصمة إلى تلك الأنحاء، ويتم التخطيط كذلك إلى قيام مكتبه وطنية كبرى على النيل قباله الجامعة تضم عدة منشآت ومناشط ثقافية وإجتماعية وربما مطاعم سياحية ومواقع ترفيهية في المساحات المحيطة بالمكتبة ، ومن المشاريع أيضاً إعادة تأهيل نادي الأساتذة وهو منشأ تاريخي كان له دوره في كثير من المتغيرات وكان يعتبر مقراً أساسياً للندوات واللقاءات الفكرية والأدبية بل والسياسية وكان يعتبر ذراعاً لانشطة الطلاب. إنني هنا لا أود أن أعدد كل مشاريع الشراكة الزكية بين جامعة الخرطوم والولاية بل مع عدد من الجامعات الأخرى، وقد رأيت أن أورد هذه الأمثلة . إن الاتحادات الطلابية الآن بالجامعات قد وعيت دورها ، ومن خلال هذا الوعي سيتحقق للطلاب الكثير، أما ما يحدث من وقت لآخر بالجامعات يؤدي إلى توقف المسيرة فهي أمور عابرة نأمل أن يتجاوزها الطلاب لوعيهم ووطنيتهم، وأن تعمل إدارات الجامعات أو حتى الحكومة على معالجة الأسباب ومن خلال لقاءات مناديب ولاية الخرطوم ومناديب جامعة الخرطوم فقد تفهم الجميع أن الشراكات هي أنجع السبل للتطور، وأن المسيرة قد بدأت في الطريق الصحيح لانقاذ توحيد الإمكانيات وترشيدها لانفاذ المشروعات المشتركة مدعومة بإمكانيات الولاية المالية والمعنوية وبإمكانيات الجامعة الفنية المتمثلة في الكوادر القادرة على تخطيط المشروعات وتنفيذها وبإمكانياتها الأخرى وما تملكه من أراضي ومنشآت ، وفوق ذلك كله تملك هذا المجتمع الطلابي العريض الذي يحتاج إلى الدعم والخدمات.