نظل نتكلم عن المؤتمر الوطني والحركة الشعبية لتحرير السودان رغم وجود دولتين في أوراق الأممالمتحدة لكل منهما نشيد وعلم ورئيس.. وفي أرض الواقع يوجد سودان واحد وجغرافية واحدة ومصير ومصالح مشتركة هي الآن معطلة بسبب انعدام إدارة الحوار الحقيقي بين حزبين يحكمان دولتين وشعبين هما نتيجة صراع كبير وطويل وممل كان الجميع يتمنى أن يتم حسمه بصورة سلمية وحضارية بعد الانفصال وذهاب كل طرف في حال سبيله!!.. ولكن يبدو أن مساحة التفاؤل كانت أكبر من اللازم!! وأن المسألة أكبر مما يتصور الناس ويتخيلوا.. والقصة ستبدو قريبة من سيناريو الصراع العربي الإسرائيلي مع الفارق هنا وهناك.. ولكن ذات أدوات التغذية واللاعبين والمخرجين!!. أذكر في الثمانينات كنت في بحر الغزال وداخل مستشفى واو.. فشهدت عدداً من النازحين فروا بجلدهم من مناطق الحرب والقتال ولاذوا بالمستشفى طمعاً في العلاج والعذاء والدواء معاً.. لا زلت أذكر كلمات ذاك الرجل الذي قال لي بانجليزية سليمة «weare like agrass butween the government and SPLA» نحن كالأعشاب تحت أقدام الأفيال التي تتصارع.. ممثلة في الحكومة والحركة الشعبية!! الآن الصورة لا تختلف كثيراً!!.. فمن حق الناس أن يسألوا ما جدوى الانفصال إن لم يحقق الحد الأدنى من مطلوبات الأمن والاستقرار والسلام بين دولتين؟.. سينظر فريق من أهل السودان للمؤتمر الوطني باعتباره البصيرة أم حمد.. فهو قد أوصى بذبح العجل!! وعندما لم يخرج الرأس أمرهم بتحطيم الجرة!!.. والنتيجة واحدة وهذا ما يحدث الآن!! أما الحركة الشعبية فأمرها أخطر وأعظم.. فهي لا زالت تعد نفسها الفيل الذي يجب عليه ألا يترك الصراع والعراك في أللا شيء!!.. لماذا لا تنظر الحركة وهي الحزب الحاكم والمسؤول لمصالح دولتها وشعبها وتترك جانباً الحرب بالوكالة وتنفيذ أجندة الغير!!.. واللعب بطريقة عدو عدوي صديقي!!.. مثل هذه اللعبة ستحرق صاحبها!!.. ستفقد دولة الجنوب تعاطف العالم العربي والإسلامي وجزءاً كبيراً من العالم الحر ودول أفريقية كثيرة لا يمكنها أن تسمح بإضعاف السودان وإذلاله مثل اتهامه بالسرقة «في آخر عمره»!. المؤتمر الوطني يتحمل جزءاً كبيراً من هذا «الإذلال» الذي يتعرض له السودان الآن!.