خرجت نادية من منزل سلوى صديقتها وطيف من «كمال» يتبعها ويحملها على الابتسام دون أن تشعر حتى أحست بنظرات الناس فكتمت فرحتها الغامرة في داخلها.. حتى وصلت منزلها نادت على صغيراتها.. داليا.. دلال .. تعالوا ..! طبعاً انتو عارفين إنو أنا وبابا اتفارقنا من زمان.. وما في طريقة يجي يعيش معانا تاني.. وعشان نحنا قاعدين برانا.. حايجي «عمو كمال» يعيش معانا!!.. صمتت دلال.. فطفولتها البريئة لم تجعلها تستوعب تلك التفاصيل المعقدة.. ولا الظروف التي تجعل رجلاً غير أبيها يعيش معهم.. في حين أن أباها يعيش مع آخرين.. أما داليا فرغم بلوغها الخامسة عشرة إلا أنها أيضاً استنكرت كل ما يحدث.. لكنها لاذت بالصمت وبعض الدموع.. تجاهلتها نادية بعد أن طغى الفرح في داخلها على شعور صغيراتها!! تم عقد قران نادية وكمال في نطاق ضيق بعد سفر «أحمد» مطلقها إلى أمريكا بحثاً عن طموحه ولينسَ ذكريات مرة من الخلافات أجج نارها مع مطلقته.. فحصد زرعها هروباً.. تاركاً بناته في كف القدر!!.. لم يكن «كمال» ذاك الفارس النبيل الذي ظنته نادية.. فبعد بضع شهور ظهرت حقيقته كسكير مغامر.. لا يأبه لشيء أكثر من أن يبتز من زوجته نقود.. ليذهب إلى المائدة الخضراء.. كانت «نادية» في باديء الأمر تعطيه من أموالها التي تأتيها من ريع الدكاكين المؤجرة وبعض العقارات التي ورثتها عن أبيها- بحجة أنه يسعى لعمل مشروع كبير سيعم خيره الكل- لكنها بمرور الأيام اكتشفت حقيقة الأمر.. إلا أنها لم تستطع أن تطلب منه الطلاق.. لأنه كان يخدعها بمعسول الكلام.. وعبارات الإطراء والحب!!.. انزوت الصغيرات بعيداً عن تلك المسرحية الهزيلة وبقايا من أسرة كان يحوطها الأمن والاستقرار بوجود الأب الحقيقي لا زالت عالقة في عقولهن الصغيرة.. مما جعلهن يكرهن «زوج الأم» الذي كان يعاملهن بلطف أمامها.. وبقسوة إذا انفرد بهن.. اشتكت «نادية» حيرتها لصديقتها سلوى التي نصحتها بالطلاق.. خصوصاً بعد أن نقل «مائدة القمار» وأكواب الشراب إلى المنزل الذي أضحى يعج بالأصدقاء كل ليلة! عاشت «نادية» بين جحيم زوجها.. وخوف الطلاق مرة أخرى من المجتمع الذي لا يرحم المرأة.. ويحملها مسؤولية الطلاق والمحافظة على البيت!!استوى عود «داليا» التي أينع شبابها تحت ناظري زوج أمها الذي لا يفقه معنى الأصول!! في ليلة سوداء خرجت نادية مع سلوى وتركت بنتيها في غرفتهما وزوجها مع الأصدقاء وتأخرت في الرجوع.. خرجت داليا تبحث عن شيء في المطبخ وصادفت كمال الذي «عوى الذئب في داخله».. ولم يعد يميز بين الحدود بعد ءن لعبت الخمر برأسه.. «ضاع شرف الصغيرة».. كيف لا إذا تركنا البنزين وبجواره عود ثقاب مشتعل!! مخطيء إذا ظننت أنك ستسلم من الحريق .