كنت اتحدث مع صديقي الفنان نادر خضر في إحدى الأمسيات ، المحادثة إستمرت لأكثر من ساعة ، ومن غرائب المصادفات في اليوم الثاني ، سألني زميلي في مهنة المتاعب إبراهيم علوي أحد محرري صفحة الحوادث في الصحيفة فيما لو كنت أعرف الفنان نادر خضر ، طبعا في تلك اللحظة إصبت بالدهشة ، لأن اخوتنا العرب ، غير متابعين للمشهد الفني في السودان . سألت صاحبنا عن كيفية التعرف على الفنان خضر فقال أنه كان يعد بحثا عن علاقة الموسيقي بترويض أصحاب الإعتلالات النفسية ، وإستطاع أن يوثق ضمن بحثه أكثر من 150 أغنية ومقطوعة موسيقية لفنانات وفنانين عرب ، وفي نهاية البحث فطن أنه نسى إضافة مقطوعات وأغنيات سودانية ضمن هيكل البحث ، وأثناء بحثه في موقع للأغنيات السودانية إختار بطريقة عشوائية عدة أصوات وووقع إختياره أخيرا على الفنان نادر خضر ، لأنه حسب قوله صوته متفرد وبه شجن غير شكل ، ما جعله يتواصل معه . وحالة صديقنا علوي نادرة الحدوث جدا . ولدهشتي وجدت الرجل الذي لا يبدو انه مهتم بالحراك الفني يحفظ الكثير من ألأغاني التي درج صديقنا نادر خضر « حبيبو » على ترديدها . ومن سوء حظي حاولت الإتصال بصديقنا نادر في لحظتها حتى يتمكن صديقنا علوي من محادثته ولكن كان هاتفه النقال مغلقاً حتى إشعار آخر. بصراحة نادر خضر فنان يمتلك خامة صوتية نادرة ويمكنه أن يكرس تواجده في الذاكرة الجمعية للمتلقين في السودان والوطن العربي من البحر إلى البحر ، فقط أتمنى أن يضع خطة للإنطلاق ، وصدقوني يمكنه إكتساح الساحة . على فكرة في الماضي كانت هناك مقولة أن الأغنية السودانية تعيش في دهليز المحلية نظرا لأن الإعلام السوداني كان وقتها يعيش في غرفة الإنعاش ، الآن هذه المقولة ذهبت مع الريح ، الفضائيات السودانية أصبحت أكثر من الهم على القلب ، ولكن كيف يمكننا كسر العزلة والحصول على حصتنا من الحراك الفني العربي . للأسف الذائقة العربية تعيش في توهان كبير ، بعض النقاد والمتلقين يرون أن جميع الأ لحان السودانية متشابهة ، طبعا هذا الكلام غير صحيح لأن هؤلاء تخونهم الذائقة الفنية ، ويحاولون الهروب من ساحة الفن السوداني بمثل هذه المقولات الفجة . المهم الآن تشتعل في الحراك السوداني برامج لإكتشاف المواهب ، السؤال هل مثل هذه البرامج يمكن أن ترفد الساحة بأصوات متميزة أم أنها هوجة مثل عاصفة باهته سرعان ما تتلاشى مخلفة وراءها الخواء . أقول قولي هذا والكثيرون يتساءلون عن مخرجات هذه البرامج ، والتي أتصور أنها تدمر المواهب أكثر مما تفيدها ، لأن الفنان أو الفنانة الواعدة يعيشون في الأضواء لفترة محددة ومثل هذه الأضواء تنسيهم بعد إنتهاء البرنامج تقديم معطيات برسم الإبداع والدليل على ذلك أن معظم الذين تخرجوا في هذه البرامج ما زالوا يلعلعون بأغنيات الغير ولم يرسموا طريقهم الفني بعد ، وحتى هذه الظاهرة موجودة في الوطن العربي فمعظم خريجو مثل هذه المنافسات سرعان ما يصبحون نسيا منسيا ، وبصراحة أن مثل هذه البرامج تستفيد منها الجهات المنظمة لها وشركات الإتصالات أما الأصوات الواعدة فيا قلبي عليهم .