في برنامج «بعد الطبع» قدم الأستاذ الهندي عزالدين مقارنة في معرض إجابته على السؤال: لماذا حدثت أزمة وقود مفتعلة صبيحة العدوان الآثم على هجليج.. ولماذا يرتفع الدولار بهذه الطريقة المجنونة؟ والمقارنة انه في حالة مصر التي كانت لمدة سنة وأكثر مرابطة في ميدان التحرير، وتوقفت عجلة الانتاج لم يخرج سعر الدولار المصري عن الست جنيهات.. وأشار الى أن الدولار ظل ثابتاً أو بارتفاع طفيف في سوريا، التي تشهد ما تشهد وفي لبنان وتونس.. وإن صح تقدير «الهندى» فلا بد من بحث في سيكلوجيتنا.. وفي فكرنا الاقتصادي والتجاري.. دعم ذلك تصريحات من المؤتمر الوطني بأن المعارضة حاولت خلق أزمة في الوقود لتحقيق مكاسب سياسية آنية.. وحقيقة فإن إدارة المعركة شعبياً تخسر كثيراً، حين يحرك الجشع والطمع الناس في وقت ينبغي فيه أن يتآزروا أكثر.. وأن يقبلوا بهامش ربح بسيط عوضاً عن التفكير في الاغتناء والثراء..السوق السوداني سحقه الطمع.. أنظر إعلانات بيع وإيجار المباني وقطع الأرض، نادراً ما يكتب أحدهم السعر- وهو أهم مقومات الإعلان الجيد-لأن الإنسان يفكر في الشراء بجدية، حين يجد السعر متسقاً مع قدرته المادية.. الشاهد أن السوق يطرح اللا سعر لتحقيق أكبر عائد في حين أن للأراضي أسعارها، والمباني أسعارها التي يمكن تحديدها بسهولة.. فالذي يعرض قطعة أرض ثمنها مائة الف جنيه في الواقع، يكون عشماناً في ضعف الثمن لو وجد.. هذا ليس سوقاً، هذه فوضى اقتصادية عارمة.. الآن سينتفش السوق كلٌ يزيد ويخزن.. وبوادر أزمة مفتعلة في السكر وستمضي الانتفاشة.. حدثني «بتاع ركشة»إنهم اشتروا البنزين بالغالي، وانهم سيضطرون الي رفع سعر المشوار.. فسألته يعني المشوار ابو جنيه ح يبقى بي كم؟ فقال على الفور «اتنين جنيه».. ضاعف السعر مع أن الزيادة يجب أن تتساوى مع السعر الذي اشترى به، ولن يتعدى العشرة في المائة على كل حال.. هذه هي العقلية الانتهازية.. فإن مرت البلد بحرب.. كل يسعى الى استثمارها لا الى درء آثارها وتطويقها.. وهذه عقلية أنانية تافهة.. ولكن من الذي جعلها ميثاقاً للناس..؟ ذلك يجعلنا ننظر الى تداعيات العدوان على هجليج من رؤيا أعمق..ألا وهي إن الوطن مستهدف.. وأنا على يقين من أنه في ذات الوقت ستفتح جبهات أخرى هنا وهناك لتشغل الناس وتزيد البلبلة..إن هذا الاستهداف ينبغي أن يجعل هدف الناس موحداً، فقط من جهة إننا نريد وطناً آمناً مستقراً.. وبنفس احتياجنا الى المواطن المحارب العسكري المعد جيداً بدنياً ونفسياً ومادياً، فنحن نحتاج الى المواطن المدني الذي سيواجه أقداراً جديدة تتطلب تقديم تنازلات كبيرة.. لذلك فإن التعبئة للجنود والميدان، يجب أن تواكبها تعبئة مدنية تدعو للإيثار.. وكبح جماح شهوة الربح الحرام، والإقتصاد في الصرف.. وإيقاف البذخ.. ولكن دون إفراط أو مغالاة.. فما كان مجدياً منع حفل الفنانة شيرين..لأن في إقامة حفلها ذاته رسالة عميقة.. تعني أننا نحارب.. ونقاتل.. ونغني في نفس الوقت.. وأن الحرب ما أثرت على معنوياتنا.. فالرسالة التي كانت ستتضمنها إقامة الحفل أكبر من المنع، رغم ظني أن الحل أن نتبنى فلسفة «ود الجزار»..مؤلف قصة «روبنسون كروزو» دانيال ديفو حين قال: إننا ركاب في سفينة كبيرة تمخر بنا عباب الحياة.. حقيقة قد يشعر البعض منا بأنه لا يميل كثيراً أو قليلاً الى ملاحي هذه السفينة.. أو قد يكون بينه وبين بعض ركابها ود مفقود.. ولكن ماذا عسانا نفعل وقد ارتبطت مصائرنا بعضها ببعض.. ماذا نصنع عندما تتعرض سفينتنا لعاصفة، وهي في عرض البحر، هل نتركها تغرق؟أما عن نفسي فأقول سوف أفعل كل مافي وسعي لإنقاذها حتى لو كنت أمقت كل من فيها ومن عليها لن أصنع مافعله «شمشون»، عندما حطم الهيكل فوق رأسه ورأس أعدائه.. حتى لو كان أبي جزاراً!! إذن المطلوب منا فقط..أن نفعل كل مافي وسعنا!!