يقول الله سبحانه وتعالى «ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين، إن يمسسكم قرح فقد مس القوم قرح مثله وتلك الأيام نداولها بين الناس وليعلم الله الذين آمنوا ويتخذ منكم شهداء والله لا يحب الظالمين وليمحص الله الذين آمنوا ويمحق الكافرين، أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولمّا يعلم الله الذين جاهدوا منكم ويعلم الصابرين».صدق الله العظيم آل عمران «139- 142».يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: كل أمر المؤمن خير إن أصابته سراء شكر فكان خيراً له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيراً له. تألمت كثيراً عندما وجدت في احدى الصحف حديثاً عن أن «نواب الوطني بالبرلمان يطرحون سحب الثقة عن وزير الدفاع»تألمت لأسباب كثيرة منها: 1. تعود بعض الناس على نسيان أن النعم في طي النقم، «وعسى أن تكرهوا شيئاً وهو خير لكم» وأصبحنا نتعامل بعقلية من يجعلون المدرب شماعة وكبش فداء بعد هزيمة واحدة جاءت عقب إنتصارات داوية لا يذكرونها ويقول المثل «لاعيب أن تسقط ولكن العيب أن تظل حيث سقطت»، وما أجمل المثل السوداني «العترة بتصلح المشي». 2. نسينا أن خسارة معركة لاتعني خسارة الحرب، ولكن صدق من قال إن للإنتصارات أكثر من أب، والهزيمة لا أب لها. 3. كان من الأجدر أن نثق في قياداتنا، وأن لا تنكسر العزائم، وأن لا نصاب بالإحباط، فالهزيمة النفسية أخطر من فقدان معركة. كان علينا أن لا نستعظم الهزيمة على رحمة الله التي وسعت كل شيء، والذي إذا أراد شيئاً أن يقول له كن فيكون.وسيدنا إبراهيم ألقي في النار تماماً وتذكر الله قائلاً: «حسبي الله ونعم الوكيل» وقال الله «قلنا يا نار كوني برداً وسلاماً على إبراهيم». ونحن بحمد الله لم نحترق إنما أصابتنا شرارة وأيقظت فينا الحواس.. هذه الهزيمة المؤقتة وحدت الجبهة الداخلية، وأشعلت جذوة الجهاد، وأثارت الحماس في النفوس التي كادت أن تخمد، ونبهت الناس للخطر القادم واصبحوا أكثر حيطة بعد أن أصاب بعض منا الوهن والذي هو حب الدنيا وكراهية الموت. أليست كل هذه نعم نشكر الله عليها. إن الله هو الذي يخرج الحي من الميت، وهو الذي يخرج القوة من الضعف، وهو الذي يحول الهزيمة إلى انتصار، والسم الذي لا يقتلني يزيدني قوة، وأصبحنا الآن أكثر خبرة ودراية، وسنتعلم من أخطائنا إن شاء الله. ولأن المعارك قد تستمر فلابد أن نستفيد من التاريخ وهاكم بعض الدروس والعبر التي استخلصت بعد معركة «أحد» ووردت في الآيات التي بدأت بها مقالي: الدرس الأول:قال الإمام القرطبي «إن الله عزاهم وسلاهم بما نالهم يوم أحد بقوله: «ولا تهنوا» أي لا تضعفوا، ولا تجبنوا من جهاد الأعداء «ولا تحزنوا» على ما أصابكم «وأنتم الأ علون» أي ستكون العاقبة لكم بالنصر والظفر. الدرس الثاني: إن مسنا القرح- والقرح هو الجرح وألمه- فقد مسهم كذلك، والحمد لله لا مقارنة بين أعداد جرحانا وجرحى الحركة الشعبية، ولا بين شهدائنا وقتلاهم، وعليكم بالإحصاءات. الدرس الثالث: إن الحرب سجال، والأيام دول، والحرب يوم لك ويوم عليك. «وتلك الأيام نداولها بين الناس» والمؤمن أمره كله خير، فلابد أن تأتي على الناس أيام فيها «الفرح والغم، الصحة والسقم، الغنى والفقر». قال الشاعر: فيوم لنا ويوم علينا #** ويوم نساء ويوم نسر وقال الآخر: لكل شيء إذا ما تم نقصان فلا يغر بطيب العيش إنسان ** هي الحياة كما شاهدتها دول من سره زمن ساءته أزمان الدرس الرابع: يريد الله أن يتخذ منا شهداء، وقد قتل يوم آحد سبعون من بينهم سيدنا حمزة رضى الله عنه، وسيدنا مصعب رضى الله عنه. ويوم بئر معونة سبعون، ويوم اليمامة سبعون وهذا أمر الله وما أكرم الشهادة. الدرس الخامس:هو التمحيص.. أن تتمايز الصفوف فنعرف معسكر المؤمنين، ومعسكر المرجفين والطابور الخامس. أن يبتلي المؤمنين ليثيبهم ويخلصهم من ذنوبهم «ويمحق الكافرين»أي يستأصلهم بالهلاك. ولن ندخل الجنة حتى نبتلي «ويعلم الله الذين جاهدوا منكم ويعلم الصابرين». الأخ وزير الدفاع سعادة الفريق أول ركن مهندس عبد الرحيم محمد حسين ظل ممسكاً على الزناد، ومكتوياً بنار القضية طوال سنوات الإنقاذ. كنا لا نحارب فقط الجنوب إنما نحارب من يقف من ورائهم- أمريكا وإسرائيل ومن شايعهم- كانت الحرب- ضدنا من كل دول الجوار «مصر، ليبيا، تشاد، افريقيا الوسطى، كينيا، أوغنده، اثيوبيا وارتيريا». والآن بحمد الله تغيرت الظروف وأطاح الإعصار العربي ببعضهم وتحسنت علاقتنا ببعضهم الآخر، وتبقت أوغنده التي نسأل الله أن يرينا فيها يوماً أسوداً كيوم عاد وثمود. لماذا ننسى كل هذه الإبتلاءات التي صبرت فيها قيادات الانقاذ ومن بينهم الأخ عبد الرحيم.لماذا لانذكر له أنه فارس الإنتصارات مع أركان حربه في جنوب كردفان ويكفيه فخراً أنه كنس التمرد الأخير في النيل الأزرق وجعل ذلك المتغطرس مالك عقار يولي الادبار مذعوراً ولا يعقب. الأخ عبد الرحيم، هو الذي ساهم بأن يوفي بوعد رئيس الجمهورية بالصلاة في النيل الأزرق وقد فعل. الأخ عبد الرحيم هو من الذين ساهموا في تحديث القوات المسلحة، وتطوير أسلحتها وتصنيعها من الأسلحة الخفيفة حتى الدبابات والطائرات الحربية. الأخ عبد الرحيم.. هو من أعاد الكرة، وأصبح الجيش الآن- داخل هلجيج.. لم يأت وزير دفاع جديد ليحول الهزيمة إلى نصر، وإنما هو.. هو. الأخ عبد الرحيم: فيه من الخير الكثير الذي أعلمه عن قرب إخلاصاً وصدقاً وتجرداً.. ولو وزعنا هذا الخير على أهل مدن كاملة لأغناهم. عليه أرجو أن: 1. نجدد ثقتنا في القوات المسلحة وفي قياداتنا. 2. أن نوقف المفاوضات اذا كان لها أثر سالب قبيل المعارك الأخيرة. 3. أن نتصف بالحيطة والحذر تجاه المرجفين والطابور الخامس، وأن نقوي الجبهة الداخلية ونعزز جهود الوحدة الوطنية. 4. أن نأخذ العبر من الحدث الأخير وأن نعالج السلبيات والأخطاء. 5. أن نحارب المعاصي في كافة الأصعدة، وأن نعمر المساجد بالصلوات والدعاء والتضرع وأن نحي سنن الجهاد، وخلافة المجاهدين، وتقديم الزاد لهم. 6. أن نهتم بضروريات الناس من قوت وتعليم وصحة وأمن وطاقة.