قبل أعوام نشب خلاف بين د. فيصل حسن إبراهيم والي شمال كردفان السابق.. والأستاذ عبدالباسط سبدرات الوزير بديوان الحكم الاتحادي آنذاك.. حول مدى مسؤولية الوزير عن الولاة وتبعيتهم للديوان.. وتطور الأمر حتى أن بعض الولاة رفضوا رفع تقارير أدائهم للديوان بحجة أنهم يتبعون مباشرة لرئيس الجمهورية الذي قام بتعيينهم (آنذاك).. وبالتالي هو المعني بمتابعة أداء الولاية ورفع التقارير له.. هذا الخلاف تكرر خلال الأسابيع الماضية ولكن بين (وزير الإعلام) ومدير (وكالة السودان للأنباء) انتهى بعودة الأستاذ عوض جادين إلى موقعه مديراً لوكالة السودان للأنباء بقرار جمهوري الاسبوع الماضي وتم إلغاء جميع لجان التحقيق و(التفتيش) عن التجاوزات في الوكالة.. فيما قدم المهندس عبدالله مسار استقالته من منصب وزير الإعلام معتبراً أن عودة جادين هي تجاوز لصلاحياته وإعفاء سناء حمد من منصب وزير الدولة بالإعلام ...وقصة (مسار- جادين) في مجملها أن مسار الذي دخل التشكيل الوزاري ممثلاً لحزبه (الأمة الوطني).. في حكومة ما بعد انفصال الجنوب وأطلق عليها (المؤتمر الوطني) حكومة (القاعدة العريضة).. مسار عمل على ترجمة حديث رئيس الجمهورية الذي دعا فيه الوزراء بضبط الأداء في المؤسسات التي تتبع لوزاراتهم ومكافحة الفساد.. حيث عمل على مراجعة أداء المؤسسات الإعلامية ووجد في تقرير المراجعة الداخلية ل(سونا) تجاوزات إدارية ومالية فأحالها للتحقيق وأوقف مدير الوكالة (جادين) باعتباره المسؤول الأول.. حتى هنا يعد الإجراء روتينياً.. لكن البعض لم تعجبهم (المحاسبة).. لأنهم يرون أن (جادين) مشهود له بالنزاهة و(نظافة اليد) فبدأوا حرب (الوثائق) وتمريرها للصحف.. وتمت إعادة المدير إلى منصبه أثناء مشاركة الوزير في مؤتمر بالخارج.. ليتطور الأمر وينتهي بعودة جادين إلى منصبه بقرار جمهوري وإلغاء كافة عمل لجان التحقيق.. والسؤال ما هو مصير تقرير المراجعة الداخلية لوكالة (سونا)؟.. وهناك وثائق نشرتها الصحف تتعلق بقضايا تجاوزات في سونا.. فكيف تتعامل معها لجنة أبوقناية التي شكلها الرئيس لمكافحة الفساد؟.. وهل نتوقع أن يمسك أبوقناية بالملف للتثبت من ما توصلت إليه لجنة المراجعة الداخلية.. ومن هو الأعلى درجة الوزير أم المدير؟.. علماً أن كليهما تم تعيينهما بقرار جمهوري أصدره رئيس الجمهورية.. ما حدث بين مسار وجادين يكشف بجلاء وجود عيوب في العلاقة بين الوزارات والمؤسسات التي تتبع لها بسبب ضبابية الاختصاصات.. وهذا الوضع استغله بعض المديرين وجعلوا مؤسساتهم (مملكة) خاصة يدخلها الوزير في المناسبات من أجل التشريف (فقط).. وأنهم يتبعون (مباشرة) للرئيس الذي قام بتعيينهم وليس للوزير الحق في التدخل في شؤون المؤسسة... انتهى مسلسل (مسار- جادين).. بكل حلقاته المثيرة عن صلاحيات (الوزراء).. ومدى مسؤولياتهم تجاه المؤسسات والإدارات التي تتبع لهم.. فهل من جزء ثانٍ؟.. هل نشهد قريباً خلافاً مماثلاً أم أن بعض الوزراء راضون عن أداء جميع المؤسسات التي تتبع لهم؟