يومنا ضاع كله في هذا المستشفى.. المستشفى حكومي وأنيق ومظهره وطريقة إدارته توحي بأن المسائل في طريقها للتحسن بشكل مختلف!!.. هذا عن المظهر.. أما الجوهر فعلمه عند الله. وعندما نرى النتائج في الميدان!! ü العيادة التي نقصدها بها اختصاصي سوداني يأتي لبلاده خبيراً زائراً.. تأخرنا عن الموعد المضروب لنا وحتى أبدو حضارياً في التعامل قلت للموظفة في التلفون ربما نتأخر نصف ساعة.. قالت «ما مشكلة» ستدخلون على الفور!!.. وهذه امتدت إلى «فور هورز». في حالة الضجر والانتظار يبدع السودانيون في إنشاء جمعيات طوعية للدردشة والبكاء على «الأطلال» و«الزمن يا يمة ساقني بعيد خلاص».. والحكومة.. وإمبيكي.. ومني أركو مني.. وأحمد إبراهيم الطاهر.. وعبد الله حسن أحمد.. وعبد الرحمن الصادق الصديق.. وجعفر الصادق محمد عثمان.. وندى القلعة.. ورونالدو.. و«أم جنقر».. ومحمد محمد محمد علي أحمد محمد.. و«عاد لا وين»!! في العيادة المذكورة ولقتل الوقت قمنا نحن المرافقين بتكوين جمعية على عجل.. وأسميناها الجمعية السودانية القومية لمرافقة مرضى جراحة العظام و«المخاريق» وآلام الكتف الأيمن.. والساعد الأيسر.. و«عضم الشيطان».. وجراحة المناظير والرنين الممغنط!! ابتدر أحد الأعضاء النقاش قائلاً: الممغنط هي الأصح لغوياً ووظيفياً.. فالمصدر رباعي.. وإذا قلنا مغناطيسي فالمعنى لن يستقيم.. لأن «الوزنة غلط».. ومع ذلك النتائج التي تطلعها هذه المكنات هي نتائج ممغنطة وليست مغنطيسية. طبعاً صاحبنا «أخد راحته للآخر».. فمن يجرؤ على «المغالطة» في هذا البلد!! جمعيات الدردشة في المستشفيات كحال السودانيين في السفر.. تنشأ بينهم الإلفة والمحبة و«يخشون في بعض سريع».. ويخففون كثيراً من وطأة الملل والانتظار!! من ملاحظات جمعيتنا أن المريض لا يدخل للطبيب وحده.. فهناك منظمات واتحادات من الأهل والأصدقاء وأصدقاء «الإيقاد» يحلفون بأغلظ الإيمان للدخول معه ومرافقته في هذه الدقائق الغالية التي يشتريها «بأغلى ثمن»!! وعند الدخول تنتشر «الكتائب».. بعضها خلف الستارة!!.. وجزء منها في الكرسي المقابل.. وأحدهم يسد بأكمام جلبابه جزءاً من لوحة المريض السريالية!!.. ويضيع «الباص ويرد» على الطبيب فيفشل في فك «شفرة» المصنع..!! ويمارس البعض هوايته في «التطوع» وإهداء بعض النصائح و«الوصفات» للطبيب والمريض معاً!!.. ولا يجرؤ أحدهم على قولة «بغم» خصوصاً الطبيب!! رأيت من أرافقها وهي خارجة من العيادة.. تهللت أساريري.. هذا يعني انتهاء مهمة المرافقة ولا حاجة لي بعد ذلك لعضوية «الجمعية السودانية القومية لمرافقة مرضى جراحة العظام وآلام الكتف الأيمن وجراحة المناظير والرنين الممغنط والأشعة المقطعية». بدأت في لملمة «حاجاتي» إيذاناً بتقديم استقالتي «طوعاً» من الجمعية ولكن المريضة فاجأتني: قال لي تعالي يوم السبت.. واعملي صور أشعة «عادية» و«مقطعية» و«رنين»!! قلت لها وأنا أغالب البكاء ما «عملناها قبل يومين».. «ما وريتيها ليهو»!!.. ردت بحسم: «قال لي دي موصيها وأشربي مويتها»!!