كنت أمس من ضمن حضور المؤتمر الصحفي الذي عقده وزير الثقافة والإعلام لولاية الخرطوم د. محمد عوض البارودي، والذي بدأ حديثه بتأكيد أنه صحفي، وسيظل صحفياً بروحه واهتماماته، وأبداً لن يغيره الوضع الوزاري الجديد.. ليجري الحوار بين الوزير والصحفيين بروح الزمالة، الشئ الذي جعل الهم يتحد، وقد كنت أول المتحدثين عن الاستراتيجية التي طرحها علينا الوزير، حيث قلت إنني لا أهنئ الوزير بالوزارة، وإنما أهنئ الوزارة بالوزير.. فالبارودي من الزاهدين في الوزارة، ولو كان من الساعين اليها لنالها منذ سنوات، ولكنه آثر الابتعاد، وهاجر إلى لندن، وأصدر هناك صحيفة السودان، وأصبح أحد أساتذة الجامعات البريطانية، ولم يعد إلا بتكليف تنظيمي أعاده ليشغل موقع الوزير، في وزارة مستأجر لها موقع في الخرطوم المليئة بالمواقع الحكومية.. كما قلت أعجبني في الوزير أنه بدأ بداية مختلفة عن الوزراء الجدد الآخرين، فهو قد بدأ باستراتيجية طرحها على قادة الرأي، قال لهم واستمع اليهم.. ومما قلته في اللقاء إن السياحة في الخرطوم بحاجة إلى إعادة نظر، لتتجاوز منهجها السابق، وتجعل من الخرطوم عاصمة سياحية من الدرجة الأولى، لأنه من القصور ألاَّ تكون، خاصة وأن بها النيلان الأزرق والأبيض يلتقيان ويتعانقان، إلا إن كل ذلك محجوب عن العيون، ولا شئ يجذب السواح، كما أن هيئة إذاعة وتلفزيون الخرطوم بحاجة إلى إعادة نظر، فهي قد ظلت تطرد عامليها في ظل الاهتمام الذي لاقته من أعلى، مما جعل البقاء فيها يحتاج إلى صبر أيوب، مثلما تحتاج إدارتها إلى براعة الحواة، وأضفت بأن أي اتجاه لتحويلها إلى فضائية، لابد من أن تسبقه تهيئة وإعداد للعاملين والجمهور، الذي قاطع التلفزيون، وصار د. فتح الرحمن إبراهيم وحده في الهيئة يقاتل في الإذاعة، كما أشرت إلى أهمية أن يكون للخرطوم دور في السلام، من خلال قوافل تشكل حضوراً داخل الجنوب وليس داخل الخرطوم، التي لا يصل إعلامها للجنوب، وطالبت بقيام صندوق لرعاية المبدعين، الذين يعانون ولا يجدون من يقف بجانبهم.. المهم أن مؤتمر البارودي كان حضوره أنيقاً، والحوار فيه شفيفاً، وكان أستاذنا عماد الدين إبراهيم القيادي بالوزارة يضفي على اللقاء الحيوية.. عموماً يبقى على الوزير أن يمضي في تنفيذ استراتيجيته بقوة، ففي بلادنا الخطط شئ والتنفيذ شئ آخر، وهذا ما لا نريده للوزير المتحمس، العائد من بلاد الضباب بتفاؤل كبير، ففي بلادنا أغلب الأحلام تبقى أحلاماً.