لم يخطر ببال أمريكا وهي الدولة الكبرى المترامية الأطراف وهي تمثل أكبر قوة اقتصادية وعسكرية وسياسية أن يتعرض أمنها القومي داخلياً وخارجياً لهجمات مدمرة ترتب على كل منها تداعيات كبيرة. كانت البداية عندما نشبت أزمة دبلوماسية بين اليابان وأمريكا يوم 20 نوفمبر عام 1941م واستمرت المفاوضات أسبوعاً كاملاً دون التوصل لحلول مرضية وأصبحت لغة الحرب تسود الاجتماعات، وأبلغ اكروبل هال وزير الخارجية الأمريكية قيادة القوات الأمريكية التابعة للرئيس الأمريكي أن الأمن القومي للبلاد في خطر وأصبحت عاتق المسئولية على عاتق الجيش الأمريكي والقوات البحرية التي أرسلت إنذاراتها لكل وحداتها العسكرية في كل من بنما وهاواي والفلبين والقوات الغربية في منطقة اليابان في استعمال أسلوب الخداع التكتيكي وطلبت عقد مؤتمر بواشنطن الساعة الواحدة والنصف ظهراً أي التاسعة صباحاً بتوقيت هاواي يوم 27 ديسمبر عام 1941م. ووصل مبعوثان من طوكيو إلى واشنطن لحضور المؤتمر إلا أنهما طلبا تأجيل المؤتمر للساعة الثانية ظهراًُ والثامنة صباحاً بتوقيت هاواي وسلما المذكرة إلى وزير الخارجية الأمريكي في تمام الساعة الثانية والنصف مفادها أن من المستحيل التوصل لاتفاق من خلال المفاوضات وأرسل القنصل الياباني بواسطته أخبار الأجتماع السري للقادة الأمريكان وانشغالهم بدراسة المذكرة ومن خلال هذه الخدعة بينما يتدارس الأمريكان الوضع أصيب الجميع بصدمة ودوامة من القلق حيث وجهت اليابان أكبر ضربة عسكرية للأسطول الأمريكي في ميناء بيرل هاربر ومعناها ميناء اللؤلؤ الذي يقع في جزر هاواي واغارت 190 طائرة يابانية على الميناء ودمرته تماماً وبعد 45 دقيقة أغارت الموجة الثانية من الطائرات البالغ عددها 170 طائرة ودمرت كل ما وقع تحت عينها وكانت هناك سرب من الطائرات اليابانية غطت سماء بيرل هاربر ودمرت جميع المنشآت الحربية والطائرات والسفن الحربية العملاقة وقتل أكثر من ثلاثة ألف جندي وأستمر القصف ثلاثة ساعات ونصف منيت أمريكا بخسائر فادحة. كان لهذه الواقعة الأليمة التي هزت أمريكا أثرها الواضح في التفكير في إنشاء جهاز للمخابرات، فقد أصدر الرئيس رزوفلت في 12 يونيو سنة 1943م بإنشاء جهاز مخابرات يعمل على المستوى القومي وعلى قمة الأجهزة التي كانت موجودة في ذلك القوت وأمر الرئيس روزفلت في يونيو عام 1942م بإنشاء جهاز أطلق عليه مكتب الخدمات الاستراتيجي وأطلق عليه أسم OSS Office of strategic ser vice مهمته جمع المعلومات وتحليلها وتقديمها لهيئة الأركان أثناء الحرب وظل هذا المكتب يعمل ليل نهار في جمع المعلومات دون أن يكون له وضع خاص ضمن أجهزة المعلومات الأخرى الموجودة منذ الثلاثينات مثل مكتب التحقيقات الفيدراليF.B.Iوفي أكتوبر عام 1945م بعد نهاية الحرب اصدر الرئيس روزفلت قراراً بحل المكتب وأسندت مهام أعمال المكتب إلى وزارة الخارجية ووزارة الدفاع وبسبب الانتصارات الأمريكية في الحرب ووجود قواتها خارج أمريكا في كل من أوربا وأفريقيا والباسفيك وآسيا واليابان كانت كل هذه العوامل أدت إلى التفكير إلى إنشاء جهاز مدني مركزي للقيام بالعمل خارج أمريكا وأصدر الرئيس ترومان قرار في يناير عام 1946م بإنشاء وكالة المخابرات المركزية باسم C.I.A على أن تبدأ العمل بالتنسيق مع كافة أجهزة المخابرات وتعمل تحت إشراف مجلس الأمن القومي الأمريكي في صدور قانون الأمن القومي الأمريكي الذي صدر يوم 18 يونيو عام 1947م والتي حدد بموجبها عمل الوكالة في عدم ممارسة عمل الشرطة والأمن داخل الحدود الأمريكية، فهذا ليس عملها. وفي عام 1949م مصدر القانون الخاص لوكالة المخابرات الأمريكية والذي يتضمن مجال عمل الوكالة السرية التامة والوظائف وأسماء شاغري الوظائف وكل ما يتعلق بالوكالة وحجب المعلومات وتسريبها لأجهزة الإعلام. وبعد أن تولى الجنرال ايزنهاور رئاسة الولاياتالمتحدة خلفاً للرئيس ترومان أمر بإجراء تطوير في جهاز جديد ووضعه تحت إدارة وكالة المخابرات الأمريكية المركزية وأصدر أمر تنفيذي يوم 5/2/1952م وهو يعمل تحت أمر الرئيس ووزير الخارجية والتخطيط والدفاع لتنفيذ العمليات المغطاة التي سميت باسم المجموعة الخاصة وعملت طيلة فترة ايزنهاور وبعد فوز الرئيس جون كيندي بالانتخابات وأصبح رئيس لأمريكا فشلت المجموعة الخاصة في عملية خليج الخنازير التي قامت بها ضد كوبا في ابريل عام 1961م أمر الرئيس كنيدي بإعادة تشكيلها وتوفير الامكانات اللازمة وظلت تعمل تحت أوامر الرئيس في برامج الدعاية المضادة والإشاعات والأعمال السياسية. وفي عهد الرئيس جونسون عام 1966م أصدر أمراً تنفيذياً بضمها إلى وزارة الخارجية ويشمل أعمالها نطاقاً واسعاً من العالم ومنحها صلاحيات كثيرة وتم تغيير اسمها من المجموعة الخاصة إلى اللجنة 303 ونفذت تلك المجموعة 225 عملية مغطاة منها 163 عملية مغطاة في عهد حكومة الرئيس كيندي إلى جانب 62 عملية مغطاة في عهد حكومة الرئيس جونسون وقد اشتملت هذه الفترة أوقات الحروب الإسرائيلية العربية منذ عام 1967م وحتى عام 1976م. وهناك عمليات كثيرة لم يكشف عنها حتى الآن ومن أبرز هذه العمليات المغطاة محاولة قتل الرئيس الكوبي فيدل كاسترو عام 1963م بعد أن سمح للسوفيت بإقامة قاعدة سوفيتية لإطلاق الصواريخ من أرضها الأمر الذي أزعج أمريكا وأصدر جون كيندي قراره الشهير بتفتيش أي سفينة روسية متجهة إلى كوبا ونشرت أحدى الصحف الأمريكية بتاريخ 7مارس عام 1967م تفاصيل عملية اغتيال كاسترو بتعليمات من الرئيس كيندي إلى جانب الاستعانة بزعماء عصابات المافيا ومهربي المخدرات ونشر المفتش العام كل تفاصيل هذه العملية ويطلق على هذه العمليات تعبير استخدام العمليات المطاطة في تحديد مسئوليات المخابرات الأمريكية في العمليات الخاصة والعمليات ذات الطبيعة ذات الطبيعة الحساسة إلى جانب العمليات السرية إلى جانب تكليف الرئيس ببعض الأعمال مما يتوجب توفير الحماية القانونية أمام الكونجرس في حال عرف الأمر مع مراعاة حدود الكشف عن المعلومات السرية.