بعض الأحزاب قليلة العدد والحيلة، تتعجل الصعود إلى المسرح السياسي لتلعب دور (البطولة) قبل أن تجري اللازم من التدريبات والتمرينات و(البروفات) المطلوبة لأداء الأدوار الكبيرة، وقادتها يتجاهلون قاعدة ذهبية للوصول إلى السلطة، وهي الإيمان والصبر والعمل والإتقان، ولا يستصحبون تجربة حركة الإخوان المسلمين في مصر التي دفعت ثمناً غالياً لأجل أن تبقى، ففقدت مؤسسها الشيخ الشهيد الإمام حسن البنا برصاصات غادرة، والحركة مازالت في طور التكوين. ثم فقدت قائدها ومنظرها ومفكرها الأستاذ الشهيد سيد قطب، الذي شنقه خوف الحاكم من الحركة المتمددة التي أخذت تستقطب الشباب والنساء قبل الشيوخ وتجمع الفقراء حول رايتها وأهدافها قبل الأغنياء.. ثم خاضت حرباً صعبة مع كل الأنظمة والأجهزة في مصر على مدى ثمانية عقود إلى أن حققت النصر بفوز مرشحها بمنصب رئيس الجمهورية في الشقيقة مصر. قادة بعض أحزابنا الصغيرة لا صبر لهم لبناء حزب حقيقي ولا قدرة لهم على جمع الشباب حولهم ليكونوا أداة للتغيير المنشود، لذلك يلجأ قادة هذه الأحزاب الصغيرة إلى (شباب الغير) أي يتجهون إلى شباب الأحزاب الأخرى التي تتفق معهم أو يتقف معهم (بعض) قادتها على الحدود الدنيا للإطاحة بالنظام ليكونوا ورثة له دون جهد يذكر سوى التحريض ومضغ المرارات و(نفخها) في وجوه المواطنين. «عدم الجدية» صفة من صفات قادة بعض تلك الأحزاب الصغيرة، وبعضها ذو قيمة تاريخية أكثر من كونه ذا قيمة سياسية أو شعبية، لذلك يتعجلون النتائج سعياً وراء الحكم دون برامج أو قواعد أو أهداف، لذلك يلجأون للتحالفات التي تضفي عليهم هيبة سياسية يفتقدها الكثير منهم، ويعملون على جرجرة الأحزاب الكبيرة ذات القواعد الشعبية والثقل الحقيقي إلى (الصغائر) بسحب كوادرها إلى الشوارع والطرقات، بحيث لا يكلفون أنفسهم إلا كتابة الهتافات و(صناعة) الفوضى باسم الغير. أما الأحزاب الكبيرة، والقادة الكبار فإنهم يفهمون تماماً نفسية (الشريك الخفي) أي نفسية أولئك الساسة الباهتين الذين لا يستطيعون الخروج من الظل إلى الضوء، لذلك يسارع القادة الكبار إلى (الخيرات) فتأتي تصريحاتهم ناضجة وقاطعة ومسؤولة مثل تصريحات السيد محمد عثمان الميرغني، رئيس الحزب الاتحادي الديمقراطي الأصل وزعيم طائفة الختمية، ولذلك تجيء توجيهات واضحة من المكتب السياسي لحزب الأمة بأن يتم منع (استغلال) مسجد الإمام عبد الرحمن المهدي في ود نوباوي لأغراض التظاهر والاحتجاج، أي منع الاستغلال السياسي لدور العبادة. قادة الأحزاب الكبيرة، والصغيرة، ونحن وأنتم، بل جميعنا يعلم أن (قلة) تريد أن تجعل من نفسها وريثاً (مؤكداً) لثورة (محتملة) إن نجحت احتجاجات الشباب ومظاهراتهم في اقتلاع نظام «الإنقاذ».. لكن المشهد واضح ولا (ستائر) تغطي خشبة المسرح.