من نوادر التاريخ ان احد الوزراء طاف بأحد المساجد حين أدركته صلاة العصر, وعندما فرغ الإمام من الصلاة والباقيات الصالحات , وبدا بالدعاء حتى وصل إلى(اللهم عليك بالظالمين) فما كان من الوزير إلا وان أدار ظهره إلى سكرتيره الخاص قائلاً : الجماعة ديل قاصدين منو . عزيزي القارئ أتدري ان أول من أطلق شعار(الشعب يريد إسقاط النظام )هو المؤتمر الشعبي وذلك بعد ان قرر خوض الانتخابات , ودعا الأحزاب إلى ذلك , وظلت التقارير ترد إلى قيادته بأن الشعب معنا وغمرتهم الأماني حتى قاد ذلك الدكتور الترابي للإعلان عن نزاهة العملية الانتخابية لكن حصيلتهم والتي لم تكن كبيرة وسقوط رأس القائمة وشيخهم , والذي كشف عن التقارير المضللة والتقديرات الخاطئة , فما كان منهم إلا وان واروا سوءاتهم بإعلان إسقاط النظام، وعضويتهم التي حرست الصناديق وسهرت على ذلك لم تجد منطق في رفض نتائج العملية الديمقراطية، فلم تستجب , وحملوا ذلك للأحزاب , لكن الأحزاب والتي جاءت بنداء الوطن دخلت مشاركة للحكومة عبر طرق شتى، فالحزب الشيوعي رفع شعار المشاركة في التشريع لا في التنفيذ، وقدم الحسيب النسيب مولانا الميرغني مبادرة كإسهام في حل المشكلة السودانية من بعد ان أُرجعت له ممتلكاته والتعويض عن الاحتلال والاستهلاك . وقدم حزب الأمة مشروع التراضي الوطني،وذلك بعد تسوية أوضاع قواته وصرف تعويضاته،وأبدى الحزبان الكبيران توافقاً على عددٍ من البرامج،ودفعاً بنجليهما إلى القصر الجمهوري بجانب أحزاب الحكومة العريضة وحركات دارفور , واتفاق الشرق،ولذلك كلما تعالى صوت الشعبي في مجمع من الأحزاب (الشعب يريد إسقاط النظام) يتبسم قادة الأحزاب وهم يسألون الجماعة ديل قاصدين منو؟ وعلى قرار دعوة الأحزاب إلى اعتصام في ميدان أبوجنزير في بداية الربيع العربي قبل عام وذلك ليتسلم السودان نسخته من الربيع العربي جاء سكرتير الحزب الشيوعي الراحل محمد إبراهيم نقد إلى الميدان , وكان يظن انه سوف يجد الميدان وقد فاضت جنباته وتدفق بالرفاق والزملاء والأحباب والمناضلين والإخوة الزملاء الجدد،لكنه تلفت يمنةً ويسرةً ولم يجد أحداً ووجد نفسه وحيدًا بلا حراك،والحياة تدب من حوله، المارة والباعة والمهرولين صوب الصلاة لإدراك الفضل وعظيم الأجر في الساعات الأولى ووقعت عينه التي ملأها الحياء حتى لم تبارح الأرض على كرتونه، فحملها وكتب عليها (حضرنا ولم نجدكم) عزيزي الحزب الشيوعي عام مضى وزيادة والدعوة تأتي من تلقاء اليسار إلى المعلنين بإحداث ثورة من المساجد لتغيير أو إسقاط النظام لكن المساجد لم تخرج ! أتدرون لماذا؟ لأن اليسار لا يرتاد المساجد ،وثورة المساجد لن يدعمها عرمان ولن يقودها الشيوعيين،فما كان من أهل المساجد إلا ان قالوا للشيوعيين : حضرنا ولم نجدكم . وقادة الأحزاب الذين بالأمس قاموا أيقظوا حولنا الأسود وناموا حين قلنا قاموا بثورة شعب قعدوا قبل أن يروا كيف قاموا ربما أحسنوا البداية لكن هل يحسون كيف ساء الختام