بالأمس التقيت بالأستاذ عصام عبد الرحمن، معتمد محلية «الدبة» في الولاية الشمالية، وبعد تبادل التهاني بمناسبة العيد السعيد تحدثنا عن الظاهرة الغريبة التي شهدتها منطقة (جرا) بالمحلية والمتمثلة في انفجارات مجهولة تأتي من باطن الأرض وتتسبب في إدخال الرعب داخل نفوس المواطنين. تفسيرات السيد المعتمد والتي نشرتها «آخر لحظة» أفادت بأن الانفجارات ناتجة بسبب ضغط كهربائي عالي فاق الثلاثة وثلاثين ألف فولت، حسب إفادات إدارة الكهرباء بالمحلية، مشيراً إلى أن قوة الضغط أحدثت تسرباً كهربائياً أدى إلى سقوط أحد الأسلاك من شبكة الضغط العالي إلى شبكة الضغط المتوسط في الجزء غير العازل وقد نتج عنه تماس في توصيلات أحد أعمدة الكهرباء وهو ما أحدث الانفجار الذي تصاعدت بسببه السحب الدخانية دون نيران تُرى. الشرطة تحركت وطوقت المكان لحماية المواطنين وضمان سلامتهم لأن موقع الانفجار أصبح يحدث جذباً قوياً حال الاقتراب منه عند مسافة متر واحد في المنطقة التي ينطلق منها الدخان.. بلا نار، كما هو متعارف عليه. قدم لنا السيد المعتمد شرحه الذي اعتمد فيه على ما قال به مختصون في هذا الشأن، لكننا لن نعقب عليه حيث إن المقام مقام تخصص وعلم وخبرة، لكننا نريد الطواف على بعض الظواهر الغريبة المرتبطة بالأرض ولها علاقة دائماً بالتركيبة الجيولوجية للمنطقة. مثلاً أقيم في حي من أحياء محلية كرري ب(أم درمان الكبرى)- إن صحت التسمية- يعاني أهله وقاطنوه من أن آبار صرفهم الصحي ليست بها ماء، حتى وإن بلغ عمقها أكثر من سبعين متراً، في حين أن الحي المقابل لذلك الحي، ويفصل بينهما شارع واحد لا يعاني أهله من هذه المشكلة، بل إن آبارهم سرعان ما يندفع منها الماء مع تجاوز الأمتار العشرة الأولى.. وهناك ظاهرة غريبة شاهدتها في الصحراء الفاصلة بين السودان وليبيا، عندما عدتُ ذات يوم من أيام أكتوبر عام 1992 إلى السودان من مدينة (الكفرة) الليبية عن طريق البر، بواسطة (بص صحراوي) يتم تصنيعه خصيصاً لهذه الرحلات، وكانت محطتنا الأخيرة (حمرة الشيخ) داخل الأراضي السودانية وقد مررنا بواحتين- فقط- في كل تلك المنطقة على مدى أيام الرحلة الطويلة، إحداهما قريبة من الحدود الليبية تسمى (فجّوا)، ولم أعرف سر التسمية إلا بعد توقفنا عند جبلين صغيرين ولم يكن هناك ما يشير إلى أن تلك المنطقة (واحة) في قلب الصحراء، إلا شجرة دوم وحيدة- لا أعرف إن كانت قائمة حتى اليوم أم زالت- وليس معها شيء، سوى بقايا حطب كان ناراً فخمد، لكن حال وصولنا أخذ خبراء الصحراء في حفر حفرٍ صغيرة بأيديهم وسط الرمال سرعان ما تصبح جماماً تتجمع فيه المياه الصافية النقية بكميات كبيرة تسمح لك بتعبئة الآنية و(الجركانات) وتسمح لك بالاستحمام إن أردت.. وقد عرفت من تلك الممارسة سر تسمية المنطقة ب(فجّوا) وهي من فجّ يفجّ فجاً.. أي (فجوا) الرمال، وذلك يعني باللهجات المحلية في تلك المناطق (أبعدوا) أو (أزيحوا) الرمال. أما الواحة الثانية فكانت داخل العمق السوداني وتسمى واحة الراهب، لم أرَ في حياتي منطقة تزخر بالثعابين سواها، وكانت مقراً (شبه آمن) لعصابات النهب في ذلك الوقت. قطعاً هناك ظواهر عديدة يعرفها أهل التخصص والخبراء، لكن الذي حدث في محلية الدبة يحتاج إلى تفسيرات دقيقة تكون أكثر وضوحاً، ونتمنى أن تهتم مراكز البحوث العلمية والجامعات بهذه الظاهرة التي أخافت الناس هناك.. فعسى أن تكرهوا شيئاً وهو خير لكم.