حوار: مصطفى أبوالعزائم- إنصاف عبدالله تصوير: سفيان البشرى: قبيل مغادرته إلى جنيف للمشاركة في اجتماعات مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة التي بدأت أمس الاثنين جلست «آخر لحظة» لمولانا دوسة وزير العدل وقلبت معه الملفات الساخنة عن وضعية ملفات حقوق الإنسان والعديد من القضايا المهمة وكشف عن حجم ما تم إنجازه في قضايا محاربة الفساد خلال الاجتماع الذي انعقد بمكتبه الأسبوع الماضي وعدد البلاغات والمنعطف الخطير الذي يمر به السودان في مواجهة انتهاكات الحرب، وزارة العدل هل تغلق الأبواب أمام طلابها... فإلى مضابط الحوار .. ستقود وفد السودان في اجتماع مجلس حقوق الإنسان في جنيف، إذن ما الذي ستقومون به في هذا المؤتمر لتبيان حالة حقوق الإنسان بالبلاد؟ - بدءاً أشكر اهتمامكم وتناولكم للقضايا المهمة، ونحن نؤمن بدور الإعلام في استقاء المعلومات من مصادرها وعكسها للرأي العام.. هناك قضايا كثيرة ليس مكانها الوزارة فقط وإنما ذات صلة بعدد من الوزارات والأطراف الأخرى، هذه القضايا ملك للرأي العام ويمكن أن نتداول فيها، والشكر ل«آخر لحظة» المتميزة صاحبة المهنية العالية والموضوعية وهذا سبب الإقبال عليها، وحقيقة الإقبال على الصحف ليس فقط على العناوين البارزة إنما للموضوعية. ما يشغلنا الآن هو الدورة رقم (21) لمجلس حقوق الإنسان، ونشاط المؤسسات المعنية والمتعلقة بأوضاع حقوق الإنسان على المستوى الإقليمي.. فنحن نتواصل مع اللجنة الأفريقية لحقوق الإنسان في إطار الدول الأفريقية، هذه اللجنة تنظر في قضايا حقوق الإنسان وهي آلية نشطة ويشارك السودان في اجتماعاتها باستمرار.. وتتلقى هذه اللجنة بيانات وشكاوى من منظمات وأفراد ونحن نرد عليها، هذه الآلية الأفريقية أو الإقليمية مقرها في «غامبيا».. أما الآلية الثانية دولية.. فهو مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة بحكم عضوية السودان في الأممالمتحدة وكل الدول المنضوية تحت الأممالمتحدة تخضع له للنظر في حقوق الإنسان في الدولة، ونحن نشارك بشكل راتب وللمجلس ثلاث دورات في السنة ونوضح بشكل راتب أمام المجلس أوضاع حقوق أوضاع الإنسان في السودان.. فيما يضع المجلس توصياته وقراراته وملاحظاته.. وبالتالي هذا التفاعل يجعل من أوضاع حقوق الإنسان في السودان تستمر هذا مثلنا مثل الدول الأخرى، الشاذ في الأمر أن السودان ظل يخضع لظرف استثنائي يسمى في المجلس ب«الولايات الخاصة» بدلاً من أن نخضع لتقييم أوضاع حقوق الإنسان أمام المجلس عن طريق الآلية الدولية الشاملة، سنقدم تقريراً شاملاً عن أوضاع حقوق الإنسان في السودان للمناقشة وإصدار التوصيات، هذه هي الآلية المتبعة مع الدول، لكننا وبعض الدول ظللنا نخضع لولاية خاصة «ظرف استثنائي»، بجانب هذه الآلية يتم وضع «رقيب» لمراقبة حقوق الإنسان وظللنا نخضع للرقابة في الفترات الماضية من جهات مختلفة وأن آخر هذه الآليات «المقرر الخاص» ثم انتقلنا إلى «الخبير المستقل» وهذا أيضاً انتقال للأفضل.. ويتحدث دوسة بشيء من التفصيل ويقول: المقرر الخاص وضعه وأثره أكبر لكن في انتقال أفضل انتقلنا إلى الخبير المستقل أيضاً يراقب أوضاع حقوق الإنسان ويقدم تقارير إلى المجلس ثم مناقشتها ومن ثم يصدر المجلس قراراته. نحن في الدورة السابقة تمكنا من إقناع المجلس يضرورة معاملة السودان كبقية الدول بشأن حقوق الإنسان.. وقد قدمنا تقريرنا الدوري الشامل للآلية العادية وأردفنا ذلك بأنه يجب ألا تكون هناك ولاية خاصة أو وضع استثنائي، وطلبنا من المجلس الغاء- ولاية الخبير المستقل عن السودان- وسنظل نواصل في تقديم تقرير دوري شامل كبقية الدول، وقال الوزير إن السودان قدم للمجلس تقريراً مستقلاً تمت إجازته بالإجماع، وهذه مفارقة، فإذا أبقوا على خبير فلن يجيزوا التقرير الدوري بالإجماع وسيبقى على الوضع الإستثنائي وقد عمدوا على تخفيف هذا الوضع الإستثنائي وشرعوا في الغاء «خبير الرقابة» ويشار إلى أن الخبير كان معيّناً تحت البند الرابع من أجندة المجلس وتم تحويله إلى البند العاشر ليصبح إعانة للسودان في تقديم الدعم الفني المطلوب لتعزيز حقوق الإنسان، وهذا يعد تقدماً كبيراً جداً في الانتقال من المقرر الخاص إلى مقرر مستقل خاصة وأن السودان دولة خارجة من حروب ومشاكل، لذلك كانت علاقة السودان العام الماضي مع مجلس حقوق الإنسان علاقة وجود خبير مستقل يقوم بتقديم العون فقط.. وقد زار «الخبير» السودان مرتين رغم أن الخبير نفسه تغير، الشخص الذي تم اختياره أولاً هو القاضي «شاندي» الذى اطلع على أوضاعنا واحتياجاتنا، ثم استقال من منصبه وعاد إلى بلاده تنزانيا حبث تولى منصب رئيس قضاء في بلده.. وقد عين المجلس خبيراً جديداً في القانون الدولي وحقوق الإنسان هو النيجيري دكتور«مشهود بدرين» الذى زار البلاد مؤخراً والتقى بكل مكونات المجلس الاستشاري في مجال حقوق الإنسان وكانت الفرصة متاحة له ليزور حتى منظمات المجتمع المدني لوحده ليستمع لهم ولحاجياتهم ووجهة نظرهم في حقوق الإنسان ويستمع إليهم وقد رأى البعض أن يزور الخبير جنوب كردفان ودارفور لكن لضيق برنامجه وقصر مدة زيارته البالغة أربعة أيام فقط وأخبرناه بأن البلد مفتوحة له ليزور أي مكان في البلد ولم نمنعه من زيارة أي مكان.. وهذه واحدة من الملاحظات السالبة التي ظهرت في تقريره وفي تقرير منظمة العفو الدولية الذي تم تقديمه للمجلس.. ونحن ذاهبون لنواجه الخبير نفسه بشأن المزاعم التي تتحدث عن أنه «قيدوه ولم يتركوه يزور دارفور»، والمجلس في تقديرنا أنه وعاء سياسي أكثر من مهني في مجال حقوق الإنسان بشكل مجرد، وبعض الأطر السياسية تكون داخله، على كل هو جاء للبلاد وأعد تقريره الأولي واطلعنا على التنوير الأولي وأبدينا ملاحظات وسيقدمه في هذه الدورة، وأن هذا التقرير يقود إلى قرار بإنهاء الولاية للخبير المستقل-وهذا ما نطالب به- رغم أن وجود خبير مستقل يساعد السودان لكن كون أننا تحت استثناء وتحت ولاية خاصة نريد الخروج من الوضع، لذلك طلبنا من الخبير المستقل زيارة السودان وحددنا له متطلبات العون الفني لذلك يكفي أن تنتهي الولاية وبالتالي نحن مع المجلس مباشرة والمانحين، وهذا فيه دعم للتدريب تقنياً لكل مكونات حقوق الإنسان، هذا هو طلبنا الذي سنتقدم به، فإذا قبل المجلس وأنهى ولاية الخبير المستقل كان بها، وإذا لم يقبل فاعتقد أن الوضع الماثل الآن «وجود الخبير تحت البند العاشر»، هو المضي في تقديم العون الفني، بحسب المؤشرات الآن أن المنظمات الدولية تثير مزاعم عن وجود انتهاكات في السودان حتى يكون السودان تحت رقابة المجلس وإعادته إلى ما كان عليه في البند الرابع، وهو ما نرفضه تماماً حتى إذا أدى ذلك إلى تصويت في المجلس، هذا هو التصور المتوقع من المجلس فيما يتعلق بالخبير المستقل، وهناك فرصة للمنظمات الدولية والمحلية المستقلة لتقديم بياناتها عن أوضاع حقوق الإنسان للمجلس، فيما يلي السودان إذا كان هناك حقائق عن القضايا المثارة علينا أن نتقدم بالحقائق، سيكون هناك حديث عن الأوضاع في جنوب كردفان والنيل الأزرق خاصة في الجانب الإنساني، لأن المجتمع الدولي مدخله في هذا الأمر الجانب الإنساني، وفي هذا ردنا الأساسي أن السودان وقع اتفاقية ثلاثية مع الأممالمتحدة والاتحاد الأفريقي وجامعة الدول العربية حول كيفية تقديم العون الإنساني للمتضررين في الحرب، وهناك جهود ذاتية محلية ودولية قامت بها الدولة لتغطية حاجة الولايتين «النيل الأزرق وجنوب كردفان»، ففي النيل الأزرق لم يحدث أي نقص في المساعدات في معسكرات النازحين، فالسودان غطى هذا الجانب تغطية كاملة، الآن لا توجد معسكرات في لاية النيل الأزرق فالوضع شبه عادي، أما جنوب كردفان فإن الحديث سيتركز حول المحور الإنساني والمعالجات التي تتم في الجانبين «المحلية والدولية»، كما نتوقع إثارة تنفيذ «البرنامج الثلاثي» وسيقولون إن السودان وقع على الاتفاقية لكنه ليس جاداً في تنفيذها، وهذا حديث ظللنا نسمعه من المنظمات الدولية والمجتمع الدولي، فالبرنامج له «تواريخ معلومة» وقد دعا السودان لعدة اجتماعات مع الأطراف المعنية وهي موثقة الآن بالتواريخ، ودعا لوضع خارطة طريق وهذا يعني جدية الدولة، لذلك نعتقد إثارة مثل هذه المزاعم بشأن جنوب كردفان والمتعلقة بالعون الإنساني، وأن مسؤوليتنا الوطنية والدينية وكدولة تحتم علينا تغطية الجوانب الإنسانية بكل ما أوتينا وأن نرد عليها وسنستمر في تغطيتها، هذه من الأشياء البارزة التي ستتم إثارتها في هذه الدورة التي تمتد من يوم 26-10 سبتمبر الجاري وفي ختامها ستصدر القرارات، وخلال هذه الفترة ستكون هناك أنشطة وبرامج أخرى متعلقة بجوانب غير سياسية تتشكل منها قضية حقوق الإنسان «الاقتصادية الاجتماعية وحقوق المرأة والصحة والتعليم»، تتشكل وتقاس منها منظومة حقوق الإنسان ولدينا مشاركات فيها... مقاطعة: كم يبلغ عدد الوفد المشارك؟ - هناك عدد من المنظمات ليس لدينا عليها «كنترول» تذهب لهذا المحفل وتشارك فيه، أما الوفد الرسمي من المجلس الإستشاري لحقوق الإنسان فيه تمثيل لكل الجهات برئاسة وزير العدل وفيها «وزارة الدفاع والخارجية والرعاية والضمان الاجتماعي والجامعات والإحصاء والبرلمان»، لدينا (33) جهة مشاركة في هذا المجلس وأعددنا تقريراً عن بيان السودان عن حقوق الإنسان وعرضناه على المجلس الذي أجاز البيان ، والمجلس الذي سيمثله نحو ثمانية أشخاص يكون عادة من مجموعتين، تضم المجموعة الأولى أربعة أشخاص بقيادة وزير العدل، والثانية تلحق بها في مرحلة لاحقة حسب برنامج الدورة والمواضيع. مدعي عام جرائم دارفور.. قضية تم فيها إثارة الكلام حولها، ما الجديد الآن في هذه القضية؟ - المدعي العام لجرائم دارفور كما ظللنا نقول إنه في كل جريمة تقع في حدود جغرافية السودان تتخذ وزارة العدل الإجراءات الجنائية، بالتالي حتى الجرائم الإنسانية الدولية في الحرب كلها الآن مضافة في القانون الجنائي، وهو قانون متقدم جداً لأنه استوعب هذه الجرائم وكان من الممكن أن تتخذ الوزارة إجراءاتها في فتح البلاغات والتحريات فى جرائم دارفور في هذا الإطار، لأن هذا هو الأصل لكن لاهتمام الدولة بذلك ولخصوصية جرائم دارفور وكثرتها واهتمام المجتمع المحلي والدولي بها جعلنا نعطيها خصوصية، بينما في السودان كله بما فيه دارفور مدعٍ واحد، فقد قمنا بفصل جرائم دارفور وتعيين مدعٍ عام خاص وهذا ترتيب داخلي، طبيعة الجرائم في دارفور من 2003 وإلى الآن مرتبطة بالحرب والانتهاكات للمدنيين، الإجراءات العادية يصبح من الصعب عليها الإحاطة بهذا الأمر ذي الخصوصية لكن التغييرات التي تمت في هذا المنصب لها ما يبررها، وعين أول مدعٍ عام في عام 2008، ربما تزامن وقته مع وقت اتخاذ إجراءات قانونية مع القتال الجاري، لذلك لم يحرز تقدماً وتقييمياً كوزير للمدعي الأول، ومن بلاغ محدد في شمال دارفور يعرف باسم بلاغ «تبرا» كان حادثاً القتلى فيه كثيرون ووقت هذا الحادث لم يكن هناك قتال بين المتمردين والحكومة فالأجواء كانت هادئة، لكن التقدم الذي حققه المدعي لم يكن كما نتوقع، لذلك تم تعيين مدعٍ آخر وهو بمثابة وكيل لكنه استقال من الوزارة نفسها، وعندما نعين مسؤولاً عن الوزارة لابد أن يكون معيناً في الوزارة، بالتالي ليست له صفة تولي ملف، بعد استقالة الوكيل تم تعيين وكيل أمسك بالملف، وكانت الأحوال هادئة، المفترض القانون يسود وتقييمي كمسؤول أن هذا ليس وتيرة إدانة والشخص الذي تم تعيينه كان وكيلاً بالوزارة أحدث اختراقاً رفعناه لمستوى الوكيل. التغيير الثالث تم تعيين مدعٍ عام جديد لأن اتفاقية الدوحة جاءت بعد هذه الإجراءات وفيها نصوص واضحة حول قضية العدالة فى دارفور من ضمنها أنه يتم تعيين مدعٍ عام مستقر في دارفور متفرغ مع محكمة خاصة ليحقق معها في آلية المخالفة، هذان الآليتان يتبع لحكومة ولاية الخرطوم معهما مدعٍ للتحقيق والبت فى حقوق الإنسان، إلى جانب أن المفوضية نصت على العدالة بشكل كامل تدار بالمحكمة إذ أن قضية العدالة في دارفور وطنية ويجب على الحكومة مزيد من الاهتمام بها، غير أن الوكيل الموجود في الخرطوم لا يستطيع أن يقيم في الفاشر لذلك استبدلناه بشخص آخر له خبرة في القانون الجنائي، وتم تعيينه مدعٍ عام لجرائم دارفور ليقيم في الفاشر ويجري كل التحقيقات في كل الملفات وقد هدف التغيير الأخير بأن يكون مستقراً في دارفور هذه مسألة جوهرية، التغييرات الداخلية تنعكس في الإعلام.. والناس ينتقدون غير مدركين ولا يعرفون أن التغييرات تؤثر على الأداء في العمل، وقد باشر المدعي الأخير عمله وظل في دارفور حتى هذه اللحظة وقدم تقريره للوزارة وفتح كل البلاغات الموجودة المتعلقة بالحوادث والاعتداءات التي شهدتها دارفور، فهو مشارك بتقاريره وإذا لم ننجز هذا العمل العدلي عن طريق المدعي العام ابتداء لن تكون هناك أعذار لنا.