لازالت الطرق تسطر كل يوم بدماء الفجيعة نهاية كثير من العظماء.. ولا زال الأسفلت الأسود.. غير «المستوي» متعطش للدماء الطاهرة والأجساد التي أفنت عمرها في خدمة الدِّين والوطن.. وبالأمس الكالح السواد ترجل الفارس الهمام والمحامي الفذ والقيادي البارع.. الأستاذ مولانا فتحي خليل محمد خليل.. عن فرسه ملقياً بالذمام متوجهاً لله.. في طريقه من كريمة ديار الشايقية التي جمع أهلها خلفه.. وهو «الحلفاوي» الذي يقدر الدناقلة ويحترم المحس.. ويعرف قيمة كل قبيلة في السودان بمختلف أعراقها.. لأنه كان سودانياً أصيلاً.. صادق الانتماء.. واسلامياً.. جهير الرأي في هدوء.. وسياسياً يفهم خبايا السياسة.. ويعرف كيف تدار اللعبة. فتحي خليل.. قانوني ضليع.. خًبِرت المحاكم وساحات العدالة.. منطقه وحجته.. وثقافته القانونية اللا محدودة.. اختاره المحامون نقيباً لهم ولم يرضوا عنه بديلاً لاربع دورات متتالية.. بذل فيها جهده ووقته وخبرته في خدمتهم، ولا زلت أذكر الجمعية العمومية الأخيرة، وخطاب الميزانية الذي سلم بموجبه النقابة للنقيب الجديد «د. عبد الرحمن إبراهيم الخليفة» حين سلم شيك عالي القيمة عبارة عن المتبقي في ذمته من دورته المنتهية، وكان هذا أبلغ دليل على نظافة يده.. وبراءة ذمته.. وعفته وزهده الذي اشتهر به وعرف به..!! سعت المناصب الدستورية لمولانا المرحوم «فتحي» ولم يسع لها يوماً حتى أنه بكى حين بُلِغ بأختياره والياً للولاية الشمالية.. خوفاً وفرَقاً من أن يقصر في «حقوق العباد الذين سيتولى أمرهم».. الغريب في الأمر.. أن الأقدار كتبت نهايته في ذات الطريق الذي طالما سعى.. لإصلاحه.. وترميمه.. أفنى مولانا «فتحي» عمره في خدمة المظلومين.. ورحل في هدوء، كما عاش حياته بكل هدوءٍ واتزانٍ حتى لحظاته الأخيرة كان يسعى للإجتماع بالقيادات الإسلامية لمناقشة كيفية «نصرة الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم».. عندما كتبت الأقدار خاتمته الحسنة بإذن الله!! ü زاوية أخيرة ألا رحم الله.. الرجل.. الوقور الودود.. المستقيم.. وتقبله شهيداً في سبيل الله والواجب والوطن.. «إنا لله وإنا إليه راجعون..»