بعد طول غياب عن الوطن وبعد ابتعاد طويل عن الغناء أطل علينا قبل أيام من خلال قناة الأمل الوليدة الفنان الطيب عبد الله الذي طالما أسعدنا خلال سنوات وجوده بالسودان بفنه الجميل لنفتقده باختياره المهاجر ومقاطعته لأجهزة الإعلام لنخرج من الحلقة التي أطل فيها بأن الزمن قد غير ملامح صوت الرجل القوي والجميل وأن الطيب لم يكن موفقاً في اختياره توقيت العودة الذي ظهر فيه بصوت فارق جعلنا نقارن بين تلك الأيام وظهوره الأخير الذي من الواضح أنه قرره دون أن يراجع صوته قبل الحلقة التي حاوره فيها مذيع أظهر لنا أنه خارج الشبكة بإصراره على إرسال التحية للأموات من بينهم الراحل الشاعر والإذاعي ذوالنون بشرى الذي رحل مؤخراً ليبدو لنا أن قناة الأمل بحاجة إلى وجود عرابها د. عوض إبراهيم عوض في بداياتها بالكويت لمراجعة ما يقدم قبل تقديمه. لم يكن نجاح البلابل لأنهن أصوات نسائية ظهرت بشكل مختلف فالظواهر معلوم أنها سرعان ما تختفي ولا تعرف الخلود إلا أن الذي أبقى البلابل في دواخلنا أنهن وجدن من يمسك بأيديهن من أصحاب المقدرات الفنية العالية لينقش بشير عباس من خلالهن أروع الدرر التي زانت جبين الفن، لهذا عندما أتين بعد سنوات من الغياب قبل أن تفرق أصواتهن وجدن تجاوباً من كل الأجيال لتبقى مشكلة ندى القلعة وسمية حسن أنهن اشتهرن في الساحة دون أن تكون لديهن أعمالاً يرددها الناس تحقق لهن الخلود فالأولى لم تستند على صاحب مقدرات فنية يأخذ بيدها لتاتينا بالجديد الشئ الذي جعلنا نشاهدها تبحث عن نفسها باستمرار في إحساس بأنها لم تجد أرضية صلبة تجعل لها أغنيات خالدة مثلها مثل سمية حسن التي لم تستطع حتى الآن أن تنشر أغنية واحدة لها يرددها الشارع ويطرب لها ويتغنى بها الآخرون وعلى ذات الدرب ستسير نجمات الغد اللائي اشتهرن وجوهاً قبل أن يقدمن شيئا مثل فهيمة التي أصابها الغرور قبل أن تشكل حضوراً بأعمالها، المهم أننا نعاني من مشكلة وجود مغنيات بلا غناء خاص، يوازي ما حققن من شهرة الشئ الذي سيؤدي بهن إلى متاهة النسيان بعد حين. أستاذنا ميرغني البكري شيخ النقاد الفنيين يجب أن لا نكتفي بتكريمه فالرجل خزانة أسرار للفن فهو أكثر التصاقاً بالوسط الفني من السر قدور ولو أفسحنا له المساحات في حياته، ليحكي ذكرياته، سيقدم لنا الكثير المثير المفيد فهيا يا فضائيتنا القومية ويا شروق ويا هنا أم درمان. لا أزال مستغرباً على إصرار الأستاذ مصطفى أبو العزائم على الابتعاد عن الشاشة البلورية التي ألفها في تجارب امتدت لسنوات في إعداد وتقديم البرامج عبر الفضائية السودانية فالرجل له روح حلوة في الإطلالة وقدرة على جلب الدرر للظهور من خلال الشاشات.. وعموماً سيظل المطلب قائماً في زمان الجفاف الإبداعي وبعد عودة حسين خوجلي إليها بعد طول ياب وعقبال ود البلال.