في التلفون كانت تتحدث معي الزميلة والصديقة الصحفية النشطة منال ساتي. وقالت لي روعة الصغيرة تبكي «دايرة» الشارع .قلت لها ماهي حكاية الشارع هذه الأيام..؟ سكان أم بدة هددوا بالخروج لل«شارع» بسبب انفجارات المياه المتعددة بالحارات!! والمعارضة هددت بالخروج لل«شارع» في حالة عدم تنفيذ مطالبها!! والمؤتمر الوطني أبدى تحفظه على هذه الخطوة وحمّل هذه الأحزاب مسؤولية ما يحدث. فما هي حكاية الخروج لل«شارع» بالضبط؟! في حياتنا اليوم الطفل داخل الأسرة عند ما لا يجد استجابة لمطالبه فإنه يهدد بالخروج للشارع!! وفي أغلب الأحيان يذهب للشارع ويمضي ساعة وساعتين ويعود بذات الباب والخيبة على وجهه!! وينسى الموضوع الذي من أجله خرج للشارع ويقوم بافتعال مطلب آخر هو من البديهيات مثل «وين الأكل؟» افتحوا لي التلفزيون وكلها حركات لجس النبض لا أقل ولا أكثر. وبعض الأزواج - وأنا ليس منهم - عندما يضيقون ذرعاً بمطالب «حكوماتهم» وقبضتهم المشددة فإنهم يفضلون الخروج للشارع ولا يعودون إلا في وقت متأخر من الليل وأيضاً يجيئون بمطالب يظنونها «جديدة »ولكنها في حقيقة الأمر «قديمة؟» السؤال الذي يطرح نفسه هل ستمارس هذه الأحزاب ذات اللعبة بالخروج للشارع ثم العودة في المساء للحكومة بمطالب جديدة وتنسى المطالب والشعارات التي من أجلها خرجت لل«شارع»!! في كل الأحوال نتمنى أن يعي الجميع حكومة ومعارضة حساسية الظرف الذي تمر به البلاد وأنها في حقيقة الأمر لا تحتاج لأي نوع من «الأزمات» أو التصعيد ومستصغر النار من الشرر، فالشارع للأسف ليس هو الشارع الأوربي حيث يعرف الناس آداب الخروج ومعنى التظاهر والتعبير عن الرأي بالكلمة والصوت العالي المؤدب. نحن مع حرية التعبير ومع حق الناس في التظاهر السلمي ولكننا ضد الجنوح نحو الفوضى والتخريب. والشارع الذي نراه الآن وكل يوم لا زال بعيداً عن لعبة الحرية والديمقراطية ويبدو أقرب للفوضية الأؤلى. والله أعلم..