داخل القاعة الكبرى بالمركز القومي للانتاج الإعلامي، وبعد محاضرة عن الحديث والحوار الصحفي، استهدفت أمناء الإعلام في الولايات بديوان الزكاة، فتحنا الباب أمام الجميع للنقاش الحر.. ولم يكن من حديث إلا عن بيان الحكومة عن محاولة تخريبية وانقلابية ترتب على الكشف عنها اعتقال ثلاثة عشر من المشتبه بهم، وفي مقدمتهم الفريق أول مهندس أمن (م) صلاح محمد عبد الله (قوش) والعميد ود إبراهيم، وغيرهم. كان ذلك هو حديث الساعة، إذ أن بيان الحكومة الذي أعلنه وزير الثقافة والاعلام كان بالخميس، بينما كنا داخل قاعة المركز القومي للانتاج الإعلامي ظهر الأحد.. فالموضوع- إذن- لم يزل ساخناً ولم يبرد بعد. ومن ضمن الموضوعات التي فتحها أمناء إعلام الزكاة المستهدفون بتلك الدورة التدريبية الخاصة التي ينظمها المركز القومي، كان قصف مصنع اليرموك بواسطة الطيران الاسرائيلي، ثم العلاقات السودانية الأمريكية والغربية على وجه العموم، ثم مؤتمر الحركة الاسلامية السودانية الثامن الذي إنعقد في الخرطوم مؤخراً، وإن كان له تداعيات سالبة ترتب عليها تلك المحاولة التخريبية!! لماذا تلك الموضوعات..؟.. ببساطة لأننا استخدمناها نماذج عملية وحية في إجراء الأحاديث والحوارات الصحفية، أحاديث الرأي والمعلومات التي تدعم الخبر، أو حوارات الرأي التفصيلي المتصل بقضية ما من تلك القضايا. الحوار كان حراً، لكنه مرتبط بموضوع المحاضرة والنماذج التي قدمت فيها، وكان ملفتاً جداً ذلك الفهم العميق للأوضاع السياسية المحلية والاقليمية والعالمية لدى المشاركين في تلك الدورة، وقدرتهم على التحليل، وقراءة المواقف وما وراءها أفضل بكثير من بعض الذين تفرغوا لذلك. حول التخريبية كانت الخلاصة هي أن (ضعف) المعارضة الظاهر وخوارها وافتقارها للقاعدة الشعبية العريضة منح أهل الحكم (القوة) التي أصبحت (مفرطة)، خاصة بعد نتائج الانتخابات العامة الأخيرة، مما أكسب كل مكون من مكونات السلطة ثقة في نفسه بحسبانه هو الأهم والأقوى والأفعل.. وهذا هو الذي قاد- في تقديري- إلى أن يواجه أهل الحكم والسلطة بعضهم بعضاً.. أما العلاقة مع أمريكا فقد خرجنا بأنها لابد أن تكون علاقة الند للند، خاصة في مجال المصالح، وعلينا ألا نتعامل مع الولاياتالمتحدة والغرب بصورة زائفة ومتخلية، نجحوا في أن يرسموها لأنفسهم في عقولنا، فهم ليسوا أذكى منا، ولا أعقل، ولا أكثر انسانية، ولا علماً، بل نحن أكثر غنىً منهم بالعقيدة والقيم والأخلاق.. وإن أي تنازلات (مجانية) ستقود إلى ما بعدها حتى تذهب ريحنا، وهذا ما لا نرجوه ولا نتمناه. وحول إسرائيل، اتفقنا على أن عدم الاعتراف بها، ودعم المقاومة هما أقوى الأسلحة لمواجهتها، وهما ما يرسم حول قادتها وشعبها دوائر الخوف الأبدي. وخرجنا من حلقة النقاش الحر إلى أن (الأحداث) تثرى (الحديث) وتجعل للفعل السياسي أكثر من معنى، وللمشهد أكثر من لون.