الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات، والصلاة والسلام على أشرف خلق اللّه جميعاً سيدنا محمد بن عبدالله صلى الله عليه وسلم. ü قال سبحانه وتعالي ( أولم يروا أنّا خلقنا لهم مما عملت أيدينا أنعاماً فهم لها مالكون«71» وذللناها لهم فمنها ركوبهم ومنها يأكلون«72» ولهم فيها منافع ومشارب أفلا يشكرون«73» واتخذوا من دون الله آلهة لعلهم ينصرون«74» لا يستطيعون نصرهم وهم لهم جند محضرون«75») صدق الله العظيم.. سورة يس. ü الحمد لله حمداً كثيراً على النعم التي حبى الله سبحانه وتعالى بها السودان من أراضٍ زراعية شاسعة، ومياه نيلية جارية ودائمة، وزيادات موسمية، وأمطار سنوية، وثروة حيوانية متنوعة الأليفة منها ومن كل الأنعام، والوحشية أو البرية بمختلف الأنواع والأشكال، ولا ننسى الثروة السمكية النيلية والبحرية، والدواجن والطيور وغيرها من النعم التي لا تحصى ولا تعد. ü تعتبر هذه النعم من حيث الكم الأولى في عالمنا العربي، والثانية في عالمنا الأفريقي، ويحسدنا عليها العالم بل يكيدون ويمكرون ويتآمرون علينا حتى لا نحسن معاملة هذه النعم، ولا نتجه لتطويرها وتنميتها نوعاً وكماً، ونصل بها إلى مرحلة الاكتفاء الذاتي لحاجة كل مواطن منها، ومن ثم نصدر الفائض عن حاجتنا إلى الدول الأخرى مساهمة في حل مشكلة العالم في نقص الغذاء، وخاصة ذي الأصل الحيواني، ولكن رغم كل ذلك نحن دون الطموح والهمة والعزم، وبمراحل عديدة وبعيدة في عدد من نقاط الارتكاز التي تستوجب الانطلاق منها إلى نقطة متقدمة في الاتجاه الصحيح. üإن أهمية زيادة الإنتاج والإنتاجية لقطاع الثروة الحيوانية والسمكية والداجنة في ظل ارتفاع تكاليف الإنتاج المذهلة يومياً تقريباً، مع ضعف الجودة وتدني الإنتاج والإنتاجية والتي أدت إلى خروج عدد من المنتجين التقليديين وصغار المنتجين لعدم القدرة والمقدرة على الاستمرار في الإنتاج في ظل التمويل قصير المدى صغير الحجم، قليل المنفعة، عديم الفائدة بكافة أنواعه وأشكاله لهذا القطاع العريض لا يجدي ولا يثمر بهذه الطريقة. ü إن تعاملنا مع قطاع الثروة الحيوانية والسمكية والداجنة ما زال قاصراً لأننا ننظر إليها ونتعامل معها كموارد طبيعية في غالبية الأحيان، وأحياناً أخرى كثيرة نظرة اجتماعية محضة، ولتصحيح هذه النظرة وإيجابية التعامل لابد من التدخل العلمي والعملي بدرجة عالية وسريعة للارتقاء بهذه الثروة النعمة، وما كان إنتاج هولندا وأستراليا وغيرهما من الدول التي تتميز بإنتاجها الحيواني الوفير، إلا وهذه بدايته، ولابد من وجود إستراتيجية تحد من ارتفاع أسعار منتجاتنا الحيوانية من «اللحوم- الألبان- الدواجن- البيض- الأسماك» التي أضحت أسعارها أغلى من أي بلد آخر يستورد هذه المنتجات، بل ذهب بنا الحال إلى استيراد ألبان بودرة مصنعة، وما أدراك ما ألبان البودرة المصنعة.. ومشتقاتها من الأجبان المختلفة وغيرها سنوياً بحوالي 200.000.000 «مئتي مليون» دولار، وكل ذلك يعكس مدى تجاهلنا لهذا القطاع وعدم وجود رؤية متكاملة أو غاية أو هدف نصبو إليها جميعاً في إستراتيجية واضحة لحلحلة الواقع تدريجياً وبنظرة إلى مستقبل إيجابي منظور ومتطور . ü لا أرى مخرجاً لواقعنا الحالي إلا التوجه إلى تفعيل قطاع الثروة الحيوانية والسمكية والداجنة، بأن تكون هذه الثروة الهائلة والمتنوعة إن لم تكن كلها فليكن جزء مقدر منها في مزارع مروية «مزارع للإنتاج الحيواني والسمكي والداجني» حول المدن وما أكثرها، تطبق فيها أحدث ما وصل إليه العلم والعمل من تقانات حديثة، تقدم فيها كل الخدمات والمدخلات البيطرية الطبية والإنتاجية والتجميعية والتسويقية بواسطة كوادر مدربة ومؤهلة وقادرة ومقتدرة لمواجهة كافة العقبات وتخطيها بنجاحات كبيرة. üإن أهم مشكلة تواجهنا نحن والمنطقة الإقليمية العربية والأفريقية حولنا هي توفير العلف الحيواني بكافة أشكاله وألوانه ومكوناته، ولكن بنظرة فاحصة إلى المساحات الشاسعة التي يجب استغلالها لإنتاج الأعلاف الخضراء «مهمة جداً لإدرار اللبن»، حيث لا تتأثر ثروتنا سلباً مع الظروف المناخية الطبيعية المتقلبة، إن الفجوة العلفية للثروة الحيوانية في السودان تبلغ حوالي 29 مليون طن علف تقريباً، لأن كل ما يزرع في السودان من علف الآن لا يتجاوز الواحد مليون طن تقريباً، إضافة إلى المراعي الطبيعية والتي يقدر إنتاجها سنوياً بحوالي 62 ألف طن، مع اعتبار نوعية العلف وأهميته من الناحية الصحية والإنتاجية لثروتنا الحيوانية. üإن أهمية استغلال فائض حصة السودان من مياه الري التي تقدر بحوالي 4.5 مليار متر مكعب لزراعة الأعلاف لتأمين الغذاء الحيواني لزيادة الإنتاج والإنتاجية تأميناً للغذاء الإنساني إضافة إلى إنتاجية مياه الري من محاصيل الأعلاف، أعلى بكثير من المحاصيل الحقلية الأخرى وذلك لأن الناتج الاقتصادي في حالة زراعة الأعلاف هو كل النبات الخضري، أما في حالة المحاصيل الزراعية الأخرى «إنتاج الحبوب»، فجزء بسيط من النبات يمثل الجزء الخضري الذي يستغل في تغذية الحيوان. üإذا نظرنا إلى ثروتنا الحيوانية في السودان، ما زالت في نظر واعتقاد كثير من السياسيين أنها «بروس» موارد طبيعية هبة من السماء والحمد لله إذا أحسنا الظن..! وذلك ربما لعدم تدخل العلماء والاختصاصيين من الأطباء البيطريين وغيرهم بصورة واضحة ومؤثرة لتنميتها وتحسين سلالاتها وإنتاجها بأخذ الجينات الإيجابية وتكاثرها من السلالات المحلية والتي نشكر الله عليها.. أو من السلالات الأجنبية لإسراع الخطى في زيادة الإنتاج والإنتاجية لسد الفجوة وإكمال النقص.. ثم الخروج برأي موحد حول هذه النقطة، وهي أهمية تحسين السلالات محلياً أم أجنبياً أو مختلطاً، وفي رأيي الشخصي أن تكون كل المسارات معاً لعدة أسباب جوهرية. üهذه الفكرة البسيطة يمكن اتباعها في كل المشاريع المروية في كل السودان وخاصة حول المدن وعلى جانبي النيل والطرق القومية الرئيسية والفرعية لتوفير العلف الحيواني بأنواعه كافة لإشباع ثروتنا الحيوانية، وإتاحة الفرص لها لزيادة إنتاجها الحيواني بكافة أنواعه وأشكاله وتحسين نوعيته وكفاءته وقيمته الغذائية وتنافسية جودته، وزيادة في الإنتاجية مع تقليل تكاليف الإنتاج ودعم الاقتصاد بتصدير الفائض منه لكافة الدول خاصة العربية التي تحتاج بشدة لهذه الأعلاف. ü هذه نظرة سريعة إلى تمكين قطاع الثروة الحيوانية والسمكية والداجنة أن يحقق الأمن والاستقرار والسلامة والكفاية الغذائية من المنتجات الحيوانية بكافة أنواعها وزيادة البروتين الحيواني حتى تمكنه من القيام بدوره في إنعاش وتنمية وتقوية الاقتصاد السوداني. إن أصبت فمن الله سبحانه وتعالى وتوفيقه، وإن أخطأت فمن نفسي. والله المستعان وعليه التكلان üطبيب بيطري