إتصل بي قبل يومين أحد الشباب الصحفيين لأدلي بإفادات حول صلاح بندر الرجل الذي حول المواقع الإسفيرية لضجة لا تكف عن الإنقطاع وسألني عن كنه التوتر الذي يصيب الشيوعيين إزاءه ومن هو بالضبط؟ صلاح بندر من الشيوعيين القلائل الذين يفهمون(الماركسية) كفلسفة ومنهج وأداة تحليل ، ويبدو لي أن انضواءه للحزب الشيوعي لم يكن مثل كثيرين ممن وجدوا أهلهم اعضاءاً في الحزب فتبعوهم ، إعتقادي أن مدخله كان من الجوهر الأساسي وهذا ما عمق فيه النزوع نحو الإستقامة النظرية ومحاولة إسقاطها على الواقع فأسقطها بصلابته الفطرية بكل حمولتها الأخلاقية وثقلها على الحزب الشيوعي نفسه حين إكتشف ان ألقبه(ما تحتا فكي) دفع صلاح بندر بمقالات لصحيفة الخرطوم التي كانت تصدر وقتئذ من القاهرة يتهم فيها اعضاءاً بارزين من الحزب الشيوعي بالتلاعب في أموال منظمة (حقوق الإنسان السودانية) وكان الحزب الشيوعي قد إستولى على هذه المنظمة بالكامل ورفدها بأخرى تحمل اسم (ضحايا التعذيب) ولكن لأسباب تتعلق بالثقافة القانونية التي تسربل الاستاذ فضل الله محمد لم تر تلك المقالات النور. صلاح بندر لم يفصل من الحزب بل قدم استقاله مسببة يطالب فيها باخضاع الشيوعيين الذين اشار إليهم في تلك المقالات للمساءلة والتحقيق ولما لم يستجب المكتب الخارجي كف عن الإرسال . هذه مناسبة طيبة لأذكر ان صلاح بندر والدكتور خالد المبارك قدما اسهاماً كبيراً في تسجيل المنظمتين في إنجلترا وحررا كتباً في كل ما يتعلق بدواعي وأغراض التأسيس، ولم يكن لاي منهما غرض او مطمع لكن المنظمتين تحولتا ليد ممدوة لكل منظمات المانحين اليهود وصارتا عوالم من الأسرار واللصوصية ففاحت الرائحة حتى عمت كل شوارع الكرة الأرضية. قلت للصحفي ان الصراع بين صلاح والشيوعيين يجئ في فجيعة آل بندر فهو من يظن ان الشيوعيين أعف وأنزه وأشرف واتقى الناس، لكن تلك القناعات تصادمت مع عالم جديد للشيوعي الذي اختار الغرب وقبل الدوران في فلك منظماته التي كان يطلق عليها الشيوعيون (الصفراء) وقبلوا بشروط اللعبة الجديدة فأمتد ذلك للأخلاق والسلوك واليد والفم واللسان من منظور آل بندر .. لا يعبر آل بندر عن خيانة بقدر ما يعبر عن فجيعة لانه لم يكتب ما يفيد بأهتزاز قناعاته الماركسية لكنه يكتب عن خيباته في الشيوعيين بجعل الديالكتيك شاهداً وللرجل في هذا الميدان نواضر ويوانع دفع ثمنها في السجون المصرية أيام التتلمذ في القاهرة. قيمة صلاح بندر انه ينظر للبواطن ويحيط بالحواشي ويستهدي بالشك المنهجي ويصرح بالحقائق المزعجة للآخرين. وهو في الأصل باحث في أعرق الجامعات البريطانية يسقط أدوات البحث العلمي المنهجي على واقع مأزوم يضج بالكتمان والتعهر والسرقات الأدبية والكتابة غير المؤدبة والخيانات الرفاقية!! خلافي الوحيد معه انه جعل(الشك) أساسه في البحث عن الحقائق فغابت حسن النية عن المنهجية!!!.