أعجب كثيراً من صحافة السودان وتناولها لأوجه الحياة مركزة على النواحي السياسية تنظيماً ومعارضة، فهي بذلك تخدم الطرفين سلباً وإيجاباً.. جميع الصحف تقريباً تبحث عن الإثارة لجذب المعلنين والقراء.. فصفحاتها الأولى تزخر في مانشيتاتها بكل ما يمكن أن يكون مثيراً.. أخبار الجريمة السلب والنهب والفساد والاحتيال وصور الغانيات والمغنيات محلياً وعربياً وعالمياً وأخبار المخدرات.. وهي بذلك تغفل أو تتغافل عن ما يفيد الناس في حياتهم.. هذه الصحف لا تهتم كثيراً بما يفرح الناس وينتشلهم من هم الحياة ورهقها وخوفها من الحاضر والمستقبل، بل هي تكرس هذا الخوف بعدم الاكتراث لآليات النمو والتطور والأمل في الحياة الكريمة، فلا يأتي ذكر لمشاريع التنمية التي تنتظم البلاد إلا في أخبار مسطحة لا تلفت إليها نظر القاريء.. أنه والله لتقصير أما عن جهل أو تعمد.. نقلت الإذاعة السودانية على الهواء في الاسبوع الماضي تظاهرة اقتصادية كبرى من مدينة نيالا، حيث معرضها العالمي الجاذب للاستثمار.. في منطقة جنوب دارفور عشرات المستثمرين يتسابقون لعمل مشاريع تفوق في عائداتها كل ما يمكن أن نتخيله من نمو أصبحت وأنت تسير في أراضيها تدوس على تراب الذهب برجليك، وأصبحت جيوب الناس ملأى بالنقد. والخير كل الخير في الزراعة واستخراج الذهب، وتم توزيع المربعات للعديد من الشركات المحلية والعالمية.. أكثر من عشرين بنكاً محلياً ودولياً، أصبح لهم فروع في مدينة نيالا وتجد الحكومة المحلية نفسها عاجزة عن إيواء مئات من موظفي وعمال الهيئات المستثمرة.. لقد أصبح الناس في منطقة نيالا من المكتفين يعيشون في رغدٍ من العيش وقال وزير المالية الولائي إننا سنملأ خزائن بنك السودان بالنقد والذهب من هذه الولاية.. فالذهب الذي يتواجد في كل الأرض.. إنه فتح رباني لا يساوي كثيراً خيرات الأرض المزروعة بالذهب الأخضر.. محاصيل لا حصر لها من الحبوب بكل أنواعها.. مئات الآلاف من الأفدنة المنتجة لكل مقومات الحياة.. قال الوزير إن الزراعة تمتد في كل مكان، يسقيها المطر دون عناء.. والحدائق المنتجة للفواكه بكل أنواعها وهي في الكثير من الأحيان أفضل من المستورد.. هناك ملايين من رؤوس الماشية ما بين أبقار وخراف وماعز.. وما أحدثه استخراج الذهب جذب إليه أكثر من ثلاثين ألف من مواطني دارفور، ينعمون بعائد مشاركاتهم في حفر سطح الأرض واستخراج الذهب.. جنات على الأرض في رهيد البردي وغيرها.. هذه يا سادتي رؤساء تحرير الصحف منطقة واحدة في السودان، لا تساوي 2% من أراضي السودان المليئة بالبترول والذهب والقمح والفواكه واللحوم والأسماك والدواجن.. إن مشاريع التنمية تسير أسرع مما خطط لها في كل السودان في الشرق، وفي القضارف، وفي الشمالية، وفي النيل الأزرق، وشرق النيل.. إن كل مكان تذهب إليه الآن ترى عجلة التنمية تدور وبشكل سريع ومتسارع، وأن مواطني السودان موعودون بخير عميم تحسدهم عليه الكثير من حكومات العالم.. وما هو إلا عام واحد أو أقل حتى نكتفي ذاتياً من الغذاء ليبدأ التصدير لكل أنحاء العالم، والصحافة تعي ذلك؟ هل تنتشل الناس من بحيرة الخوف من الفقر والمستقبل.. وما المؤامرات التي تحاك ضد السودان من الدول العظمى إلا طمعاً في السودان.. وستكون تأشيرة الدخول للسودان تستغرق وقتاً طويلاً لاستخراجها.. دعونا أيها الصحفيون نفرح عندما نتصفح آيات النعم والرزق والجمال، والوعد بالحياة الكريمة، التي هيأها لنا الله.. إنه نعم المولى ونعم النصير.