لم يعد يخفى على أحد تمدد الآلة الاعلامية على اختلاف وسائلها فالاعلام سادتي أصبح صناعة ضخمة ومكلفة وتعددت أشكاله وتنوعت أهدافه ولم يعد كسابق عهده يجري وراء الاحداث لبثها أو نشرها بل أصبح يصنع الأحداث ويتوقعها ويمكننا القول بأنه بات الوسيلة الأنجع لحل مشكلات العالم أو تضخيمها.. ولعل ما ساقني لكتابة هذه المقدمة هو ما يحدث في تلفزيون السودان الذي أصبح يجري ويلهث وراء محاكاة القنوات الفضائية الخاصة.. فهذا التلفزيون سادتي له شخصيته الإعلامية المميزة والرسمية التي تميز معظم القنوات الفضائية الرسمية التي تبث البرامج الهادفة التي تشبه البلد الذي ينتمي إليه.. وقد علقت قبل فترة على أحد الاستبيانات التي وصلت إلينا من إحدى إدارته وقلت ان هذه الاسئلة لا تشبه هذه الفضائية وقد تغيرت خارطته البرامجية التي أصبحت تحاكي الفضائيات الخاصة فأصبح غريباً مثل غرابة «الغراب الرمادي» يحاكي القنوات الاخبارية مثل الجزيرة والعربية وغيرها ويحاكي تلفزيون النيل الأزرق الموجود بداخل «حوشه» وهو يعلم تماماً برامجها وشكلها وأهدافها التي تختلف عن أهدافه فأنتم سادتي تلفزيون يعبر عن بلد ويعبر عن لسان رسمي وشعبي ويجب أن يراعي القائمون على أمره ذلك ويظهر لكم جلياً ذلك في برامج استديو النجوم الذي يحاكي نجوم الغد وبرنامج سحر القوافي كما لكم ان تقيموا برنامج بينا وبينكم الذي يجاري برنامج اغاني واغاني وغيرها من البرامج الاخرى مثل البرامج الدينية حتى فقد التلفزيون القومي «كارزميته» التي كانت تميزه، وأظن أن ادارة التلفزيون قد نسيت شخصيتها و«رخت أذنيها» للذين ينتقدون برامجها دون علم بأهدافها وشكلها العام.. المهم سادتي لقد كنا وما زلنا نطالب نحن أهل الصحافة بوجود صحيفة رسمية ناطقة باسم الحكومة لا الحزب يجد فيها من بالداخل والخارج الخبر الرسمي الذي يعتمد عليه في إصدار القرار وليس الخبر الذي تنشره بقية الصحف التي لكل منها هدافها مثلها مثل صحيفة (الاهرام) القاهرية.. وزعت هذه الصحيفة أم لم توزع - ليس هذا هو المهم.. فاذا كنا قد فقدنا ذلك في الصحف المكلفة فلماذا نفقده في قناة فضائية موجودة اصلاً وتتمتع بكل المزايا والامكانيات.