سعادة السفيرة سناء حمد مرة أخرى.. لك التحايا والتوقير والسلام.. وهذه الأيام.. قطعاً وطبيعياً إنكم تعيشون فرح الأطفال في العيد.. بل فرح طير معربد طليق.. فهذه الأيام هي أيام ذكرى انطلاقة إعصاركم.. إعصار الإنقاذ قبل ما يناهز أو يزحف نحو ربع قرن من الزمان.. أنا لأني لست «شريراً» لن أفسد عليكم بهجة أعراسكم.. وفرحة لياليكم.. إذن دعيني أقدم لكم تهنئتي وهي الاعتراف «العلني» بانجازاتكم التي حققتها الإنقاذ على مدى أربع وعشرين سنة و«يوم واحد» وهي أربعة انجازات فقط لا غير.. فقد انجزتم في إبهار ملف السلام.. فكانت «نيفاشا».. الانجاز الثاني.. كان تفجر ينابيع البترول.. الانجاز الثالث.. هو «سد مروي».. الانجاز الرابع هو «تعلية خزان الروصيرص».. نعم هذه هي الصفحات الملونة في كتاب الإنقاذ، وعذراً و«معليش ما تزعلو» إن كل الصفحات المتبقية من ذاك الكتاب- كثير الصفحات- خاليةكفؤاد أم موسى.. وبعضها.. بيضاء بسوء ليس بقليل.. سعادة السفير.. وما زلنا نرد على حديثك الذي رسمت فيه لوحات بديعة لانجازات الإنقاذ حتى «بالغت».. وقلت وكلنا دهشة إن الانجازات فاقت توقعات الإنقاذيين أنفسهم.. و«كويس جداً» نحن وأنتم تعيشون ذكرى الإنقاذ وفي هذه الأيام تحديداً.. يبقى خطاب الإنقاذ الأول.. أو قل البيان الأول الذي «صفع» آذاننا صبيحة 30/يونيو 1989م يبقى حاضراً في الصحف أو نستدعيه من الذاكرة.. وكيف ننسى ذاك اليوم الذي ولدت فيه الإنقاذ والآن دعيني أهديك صفحة من ذاك الخطاب.. أرجو من سعادتك قراءته وفي تأمل وعمق حرفاً.. حرفاً.. «أيها المواطنون الشرفاء لقد امتدت يد الحزبية والفساد السياسي إلى الشرفاء.. فشردتهم تحت مظلة الصالح العام.. مما أدى إلى انهيار الخدمة المدنية.. ولقد أصبح الولاء والمحسوبية والفساد سبباً في تقدم الفاشلين من قياديي الخدمة المدنية وأفسدوا العمل الإداري وضاعت بين أيديهم هيبة الحكم وسلطان الدولة ومصالح القطاع العام». انتهت الفقرة المدهشة- من الخطاب- وفي هدوء وفي رصانة الدراسة المسنودة بالواقع والأحداث نبحر في هذه الفقرة.. وتحديداً ينزلق زورقنا في «موجة» الصالح العام.. لنقول.. بل لنسأل سعادة السفيرة سناء- وكلي ثقة- في أن سعادتها سوف تجيب عن السؤال في صدق وأمانة، لأنها سوف تستوحي رقابة ضميرها والخالق.. السؤال.. هل عرفت الديمقراطية الثالثة التي دهستها خيول الإنقاذ شيئاً اسمه الصالح العام؟ ألم يبق كل الشيوعيين والإخوان المسلمين وكل الحزبيين من كل جنس من كل لون في أعمالهم ووظائفهم طيلة العهد الديمقراطي؟ الإجابة.. نعم وألف.. ألف نعم.. نعم لم يطرد من وظيفته في ذاك العهد بسبب حزبية مقيتة.. وللأمانة وللتاريخ.. فقد طرد شخصان فقط من وظائفهم.. وبأقسى ألوان المهانة.. في زهو العهد الديمقراطي.. طرد السيد الوزير عبد الله محمد أحمد.. السيد نجم الدين محمد شريف مدير الآثار.. وطرد معه السيد أسامة عبد الرحمن النور نائبه مع التشديد بأن يغادرا منزليهما في ظرف ثمان وأربعين ساعة.. وتم ذلك فعلاً.. في دهشة وعجب.. وتبددت الدهشة والعجب عندما علمنا أن ذاك الوزير ورغم انتمائه لحزب الأمة.. ورغم أنه كان قد فاز- للأسف- في دائرة الثورات على المقاتل الجسور محجوب شريف.. وأخيراً جداً.. أضاء كشافاته الحقيقية ليبدو شامخاً واضحاً في «سبحة» الإسلاميين.. وأظنه كان من «حبات» واسطة العقد.. وهنا تتبدى «مسكنة» و«غشامة» حزب الأمة على الأقل في تلك الأيام.. «يعني» يا سعادة السفيرة.. ليس هناك «صالح عام» في كل ذاك العهد.. لأنه «ممنوع» قطعاً ورسمياً طرد موظف أو عامل من الدولة.. إلا بعد مخالفة ومجلس تحقيق صارم وعادل.. بكرة آخر يوم