هذا عنوان قديم في حقبة الحرب الباردة لكتاب أحد قيادات الثورة البارزة في مواجهة القوة الموالية والاستعمار والرجعية، وها أنا ذا أحاول إنتاج هذا العنوان في ظل ثورة (25) يناير المصرية، وهي ثورة استهدفت إزاحة حكم الرئيس المخلوع حسني مبارك وزمرته من الفاسدين والسدنة، وحسب الشعب المصري أنه بإزاحة حسني مبارك انتهت مسيرة الثورة، ولكن الحقيقة غير ذلك تماماً، مصر الأزهر الشريف لا يمكن أن تستقر وتنمو وتتطور إلا إذا أقيم فيها شرع الله الذي يمثل الضمير الحقيقي للشعب المصري، مسلمه وقبطيه، والقبطي في مصر يقول (والنبي)، الثقافة المصرية واحدة ، حيث تتعايش المسيحية والإسلام، ولكن الثورات في مصر لم يكن الدين محركاً أساسياً فيها، فهي ثورات وطنية لا يظهرالدين في شعاراتها، وهكذا كانت ثورة 1919م بقيادة عرابي باشا، وكانت 23 يوليو بقيادة عبد الناصر والضباط الأحرار 1952م، ولم تتضمن المبادئ السته لثورة يوليو شعارات دينية، فهي شعارات تتعلق بإزاحة القصر المكي والنظام الملكي والحاشية، ولم تتنفس مصر الصعداء إلاّ بمغادرة فاروق لميناء الاسكندرية لإيطاليا لغير رجعية، وفي 23 يوليو بدأ حوار هش بين الإخوان المسلمين وعبد الناصر، وبسرعة جرت المحاولات لنسف هذا التحالف.. فالصهيونية موجودة منذ القدم،و سارعت بمؤامرة كبرى أُتهم فيها أحد شباب الإخوان بمحاولة اغتيال الرئيس عبد الناصر في منشية الإسكندرية، وبعدها ناصبت يوليو الإخوان العداء، وبدأ الأخوان المقاومة، وآثر بعضهم الهجرة إلى الدول العربية والأروبية بعد أن ضاقت بهم سجون يوليو، وظلّوا يتعرضون للتعذيب، وظلّت الحرب في الدولة بأجهزتها كالجيش و المخابرات والشرطة، ترسّخ العقيدة العسكرية لهذه الأجهزة الأمنية لتقاتل وتحارب الإخوان والصهيونية العالمية في الداخل، كما أن نظام التعليم والإعلام قد ترسّخت فيه روح العداء للإسلام والإسلاميين، إلا أن جهاد حركة الإخوان جعل الإسلام في الساحة رغم أن سنوات الكبت لم تتح لهذا النشاط أن يعبر عنه الإعلام. إذن الثورة في 23 يوليو علمانيّة، واستمرت ورسّخت روح العلمانيّة التي لا أثر فيها لإسلام المصري، حتى إن السينما المصرية، والمسرح المصري، والكتاب المصري، والصحيفة المصرية ليس فيها للدين مكان. وأذكر أن باحثاً مصريَّاً أعدَّ بحثاً مطوَّلاً عن الخطاب الديني عند عبد الناصر، وتوصل إلى أن الخطاب الناصري لم يهتم بالدين إلّا في الأزمات الكبرى.. في حرب السويس 1956م عندما خاطب الشعب المصري من الأزهر الشريف، وفي 6 يونيو يوم النكسه، فكان الخطاب الديني لمخاطبة وجدان الشعب المصري يؤكد على الوطنية، فالوطنية ليست إلا انتماءاً، والإنتماء ليس للأرض وحدها، وإنما للثقافة والوجدان.. ووجدان المصري وجدان المسلم. ونخلص إلى أن المعركة الحالية هي مرحلة الثورة الحقيقية، وإذا انتصر الإسلام والتيار الإسلامي على العلماني تبدأ المسيرة الدينية، وإلا فإن الثورة مستمرة إلى مائه عام، ومحاولات تغيير حقيقة الشعب المصري لم تفلح ، والأرض يرثها عباد الله الصالحون. جبهة الإنقاذ التي تقود المعارضة قياداتها موظفون في أجهزة الدولة: عمرو موسى الخارجية المصرية ثم الجامعة العربية، والبرادعي موظف أممي شغل منصباً في الطاقة الذرية، وسهَّل على الأمريكيين ضرب العراق، وحمدين صباحي يحلم بأن يكون عبد الناصر، ويريد انتاج الناصرية الصباحيَّة. نقول إن الشعب المصري تأثر بالعلمانية وسيطرت على مزاجه الأساليب العلمية في طمس هويته، حيث يخضع وباستمرار لغسيل مخ، لنسخ تدينه على نفس الطريقة التي اتّبعها أتاتورك. ولكن هيهات هيهات، الإسلام يقود مصر بإذن الله.