نحن: إيانا نحن، والمقشطون: هم نحن ذاتنا، اي المفلسون، وأناده: بمعنى أن أي مقشط لن يكون أعلاه.. مفهوم؟! جمعت احتياجات العيد من البقالة، ولما أخبرني «الكاشير» بالمبلغ المطلوب مني سألت جيبي الذي اعتذر بأدب وتواضع عن الوفاء بذلك المبلغ الذي كان مفاجأة لنا أنا وجيبي، فقررنا إنقاض الكميات، وبينما أنا أفعل ذلك إذا بسيدة محترمة سألت- بعد أن جمعت احتياجاتها:- «عندك لحمة مفرومة؟» أجبتها أنا بدلاً عن «الكاشير»: «هو في لحمة مفرومة غيرنا نحن الرجال في العيد؟!» ضحكت السيدة وضحك الحاضرون الذين اكتظت بهم البقالة.. ثم سألتها في فضول شجعتني عليه ضحكات الحاضرين الذين كان معظمهم من المفرومين: «لحمة مفرومة عايزة بيها شنو وبكرة الضحية؟» فردت علي فوراً: «هو في ضحية غيرنا نحن الحريم في العيد؟!» فاوغل الحاضرون في الضحك.. قلت لها: «لا والله برضو الضحية نحن لأن العيد أصبح بتكاليف عرس من غير عروسة.. يعني نصرف في العيدين صرف العريس الجديد وتظل العروسة هي العروسة القديمة ذاتها!!» من نعم الله علينا أنه أخفى عنا أجل الموت، وكذلك أخفى عنا أسعار السلع «غير المدعومة» ليوم غدٍ والأعمار بيد الله، والمسعِّر هو الله.. أذكر إننا عندما كنا تلاميذ بالمرحلة الابتدائية كنا نأخذ قرشاً واحداً للفطور وكان يكفينا، والآن التلميذ لا يخرج الى المدرسة إلا وفي يده مليون قرش!! (10) جنيهات للفطور والمواصلات.. فلو قيل لنا في ذلك الزمان إننا سنشهد زمناً يحمل التلميذ فيه مليون قرش ليذهب ويفطر ويعود من مدرسته لسقط نصف المفرومين مغشياً عليهم، مع أنهم كانوا تلاميذاً في ذلك الوقت.. وأما النصف الآخر من المفرومين، فكان سيتساءل وكيف يحمل الطفل مليون قرش؟! إن ظهره لن يتحملها، ولكن حكومات السودان المتعاقبة -جزاها الله خيراً- قد خففت العبء عن أطفال اليوم، وظلت تطبع العملة الورقية ذات القروش الكثيفة والقوة الشرائية الضعيفة.. بيد أنها لم تخفف عن أطفال الأمس آباء اليوم.. فمتى يأتي اليوم الذي تفكر فيه القيادات السياسية بمختلف انتماءاتها بعقل أمة؟! هناك- والحق يقال- شعاع في نهاية النفق المظلم رأته الدولة متمثلاً في رفع الدعم عن صاحب العربة اللاندكروزر الاستيشن والعربة اللكزس، وهناك «600» ألف عربة خاصة في السودان- حسب احصائية شرطة المرور- «يهمبع» بها أصحابها في الشوارع وجالون البنزين يكلف الشعب السوداني (31) جنيهاً، وكان يباع لهؤلاء ب(12.5) جنيه! والآن يباع ب(21) جنيهاً ولا يزال الشعب السوداني الأغبش يدفع (10) جنيهات (مليون قرش) دعماً لكل جالون تسكبه (600) ألف عربة خاصة لأغراض شخصية؟! ويخرج البعض ويحرق طلمبات الوقود من أجل إعادة الدعم كاملاً لهؤلاء المقتدرين!! ولك الله يا سودان. التوقيع: مقشط يحدوه الأمل