عزيزي الأستاذ مؤمن الغالي.. تحية طيبة وبعد إيماءً لما نشرتموه بعمودكم الراتب «شمس المشارق» بصحيفة آخر لحظة اليومية، بتاريخ الثلاثاء 21/9/2010م تحت عنوان «لو أننا لم نفترق» رأيت أن أتقدم إليكم بالتالي تعليقاً على ما ورد تحت عنوانكم أعلاه. نعم عزيزي مؤمن إننا مطالبون بتناسي ما يحيط بنا هذه الأيام من خوف على الوطن نتيجة لما يكتنفه من أسباب التفكك والتشرذم والتمزق والضياع، إذا حدث لا قدّر الله انفصال جنوب السودان عن شماله، ونحن لا زلنا نعاني من مواجهة الحرب الأهلية بدارفور، نعم لا بد من التناسي أو محاولة التناسي ما أمكن، حتى لا نصاب بانهيار عصبي جماعي، وعليه فإنني اعتقد أنك قد جعلت من قصيدة الشاعر فاروق جويدة المسماة «لو أننا لم نفترق» عنواناً لموضوعك المشار إليه أعلاه، للاستشهاد بمآسي وتبعات الفراق، لذا فقد غلبتك فطرتك السليمة على تناسي ما يحيط بنا من مستقبل مُظلم لا يمكن لمن لديه ذرة من العقل تجاهله، ليقول الشاعر العربي قديماً «ذو العقل يشقى في النعيم بعقله وذو الجهالة في الشقاوة ينعم». ويقول مثلنا السوداني العظيم المتداول «العاقل من اتعظ بغيره»، والشاهد على ذلك هو أن الانفصال داخل الدول مجرّب وعليه لابد من إمعان النظر فيما خلفه من تبعات ومواجهات على مدى السنين والحقب، ليصبح مصدراً للخراب والدمار والتخلف الاقتصادي والاجتماعي، نعم لقد حدث ذلك بعد انشطار الهند الى دولتين متجاورتين ولكنهما متحاربتان، خاصة بسبب كشمير ذات الأقلية المسلمة والتي جعلها الانفصال تابعة للهند ذات الأغلبية الهندوسية. وذلك الوضع شبيه بأبيي عندنا والتي جعلها تحكيم المحكمة الدولية تابعة للشطر الجنوبي من السودان مع وجود أقلية عربية مستوطنة بها منذ قديم الزمان، أضف إلى ذلك ما حدث وما ظل يحدث بين شطري كوريا والتي أصبحت دولتين مستقلتين شمالية وجنوبية لتصبحان في حالة حرب على مدى أجيال متعاقبة، منذ العام 1950، والى يومنا هذا. وهناك فيتنام الشمالية والجنوبية واللتان نشبت حرب مدمرة بين شطريهما لم توقفها إلا العودة الى الوحدة. أضف الى ذلك اليمن الشمالي والجنوبي وأثيوبيا وأريتريا، والقائمة تطول في ضرب الأمثال على مآسي وخراب الانفصال. هناك أمر هام للغاية قد ورد تحت عنوان مقالكم الذي سبقت الإشارة إليه وهو عنوان قصيدة الشاعر فاروق جويدة، «لو أننا لم نفترق»، والذي حورته في موضوعي هذا جاعلاً منه عنواناً له ليصبح «لو أننا لم نقترف»، كان ذلك لما بدا في مقالكم من أمانة دينية ونزاهة مهنية متمسكين بأهداب ديننا الحنيف وذلك حسب علمنا أن الإسلام هو دين الفطرة السليمة السوية القائمة على النصيحة، ويقول مثلنا السوداني الأصيل الصميم المفعم بالحكمة وموشح بالتجارب، «اسمع كلام مبكيك ولا تسمع كلام مضحكك». نعم إن اقتراف المظالم الذي استمديت منه عنواني وأشرت إليه أنت في مقالك بكل الصدق والأمانة، قائلاً «وها أنا اليوم أغمض عيني هروباً من ذكرى ورعب الاستفتاء أهرب عامداً من سماع أنين أوجاع وآلام شعبي.. أضع أصابعي على أذني واستغشي ثيابي حتى لا أسمع شكوى المظلومين وبكاء المنكوبين. أضع جانباً ثياب الجدية من موجات الظلم وفداحة التميز ونحيب المحالين للصالح العام أصرف نظري عن شباب بلادي العاطلين لشح الوظائف المحتكرة أصلاً لأناس غيرهم، وأشيح بوجهي عن الأبواب الموصدة أمام كل مواطن لا ظهر له». الى أن وصلت الى الحقائق التي انتقلت بها من ارتكاب جرائم الظلم الى اقتراف موبقات النفاق، حيث أوردت «وأشيح بوجهي عن الأبواب الموصدة أمام كل مواطن لا ظهر له ولا سند، عار من قرابة المسؤول خالي الوفاض من بطاقة التنظيم وتلك المشرعة لكل محظوظ أو متسلق أو حتى منافق أو متسربل زوراً وبهتاناً برداء الدين».. إلخ وهكذا عزيزي مؤمن أثبت وأكدت بما لا يدع مجالاً للشك أنك مواطن شريف ومخلص وأن صحيفة «آخر لحظة»، مشرعة الأبواب لكل صاحب رأي حر نزيه «المؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض»-صدق الله العظيم، أكثر من ذلك وبالإضافة إليه فقد أكدت أن دمار وخراب الدول والإمبراطوريات لا يتأتى إلا من اقتراف جريرة وجريمة وجريمة الظلم، وهذا هو رأي أهم مصدر من مصادر التوجيه الرباني الإسلامي ألا وهو القرآن الكريم حيث ورد في محكم تنزيله «وكم من قرية أهلكناهم لما ظلموا وجعلنا لمهلكهم موعدا» -صدق الله العظيم، هكذا يبين ويؤكد لنا القرآن الكريم أن الظلم هو من أعظم مصادر ودواعي خراب الامبراطوريات والدول، مهما علا شأنها وتباعدت أطرافها «إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلماً إنما يأكلون في بطونهم ناراً وسيصلون سعيرًا»-صدق الله العظيم. أما فيما يتصل بالنفاق عن طريق التمسح بمسوح التدين والورع والتقوى، كوسيلة للعبور عن طريقها لتحقيق المآرب والمناصب الدنيوية، والمكاسب الشخصية فقد توعد الله تعالى أمثال هؤلاء المنافقين بما ورد في قوله تعالى: «إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار ولن تجد لهم نصيرا»-صدق الله العظيم. والعياذ بالله من مصير الظالمين والمنافقين. ختاماً فإننا لن نجد ما نختم به خيراً من قول خاتم الرسل «كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته»-صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم.. ودمتم عزيزي مؤمن في حفظ الله ورعايته أخوكم/ عوض مصطفى الحاج