وعذراً شاسعاً لو تمردت الكلمات.. وتأبت الخروج.. وعذراً شاهقاً لو رفضت الحروف أن ترقد على سطح الصفحات.. فقط لأن الحديث.. والكلمات.. عن مصر أم الدنيا.. مصر التي هي.. صدقاً وحقاً وقسماً.. أخت بلادي الشقيقة.. وأنا أدري لماذا أحس بالزهو.. والتحليق بأجنحة فراشات ملونة.. عند الكتابة عن مصر.. أكتب لها وعنها.. وهي في وجداني.. وتحتل كل كياني حتى في لحظات حزنها.. وانكساراتها.. تدفقت دموع مصر.. في حزيران.. فسالت دموعي.. ودموع الشرفاء في كل العالم.. أنهراً وجداول.. بكى ناصر.. فكان العالم المضئ.. الحر.. مأتماً وعويلاً.. نعم إنه الحب.. ليس حباً عاصفاً مجنوناً.. بلا عقل ولا منطق.. إنه حب.. يسري مع الدم في عروقك.. وأنت.. تتنفس.. وتعيش.. وتحيا مصر.. التي هي في تجاويف صدرك.. يكفي.. أن يتردد اسم مصر.. مدوياً في الفضاء.. فتنفجر.. أمامك وحواليك وخلفك.. شلالات الإبداع والإبهار.. والجمال.. المترف الوسيم.. تتدفق الصور كما.. ومضات البرق.. الذي يعقبه سيل.. تحضر أمامك.. سواعد الأشداء وهم يشيدون.. الأهرام.. تنهض.. شاهقة.. مسلة.. شاهقة الارتفاع اسمها نجيب محفوظ.. تأتيك من السنبلاوين.. تراتيل قدسية.. وكوكب دري يضئ عتمات ليل العرب الحلوك.. هي أم كلثوم.. تلك المرأة الوطن ويا لروعتها.. وهي.. تهدم.. كل الحواجز والأسوار.. والحدود.. في الخميس الأخير من كل شهر.. عندما يصبح الوطن العربي.. دولةً واحدة.. عندما.. يصبح الشعب العربي.. شعباً واحداً.. عندما.. تداعب الأوتار والمعازف.. وصوت أم كلثوم أفئدة الحكام.. والجنرالات.. والملوك.. والأمراء.. تحت خيمة الجمال.. والمحال.. والإبهار.. ونفس الخيمة.. يجلس عليها منتشياً في فرح.. البسطاء من الزراع والعمال.. وغمار الناس والصنايعية.. لله درك يا مصر.. وأنت تخوضين كل الحروب.. دفاعاً عن العرب.. ونيابة عن العرب.. وفقط من أجل العرب.. أبقاك الله يا مصر.. وأنت تلونين.. سماء العالم.. بباهر.. وبهيج اللوحات.. ما أعظمك يا مصر.. وكل علم تحرير يرفرف في العواصم العربية.. إيذاناً وإعلاناً للتحرير والاستقلال.. مخضوباً بدم أبنائك.. ودلوني على.. قافلة تحرير.. لم تبدأ.. أو تجتاز.. أو تحط رحالها في مصر.. عبرها.. وبها.. مر بن بيلا.. وقافلة.. من المجد.. يتقدمها نكروما.. واغستينو نيتو.. وسامورا ميشيل.. وكوكبة من أقباس ونيازك ونجوم أفريقيا.. لله درك يا مصر.. وأنهر دماء أبنائك.. تروي.. رمال.. صنعاء وعدن.. ليرتفع مصفقاً في الفضاء مع دفقات الريح.. علم الجمهورية.. لله درك يا مصر.. وأنت تتعالين عن تخرصات.. وبذاءة بعض الأقزام.. وهم يسيئون.. لكفاحك.. ويعضون اليد التي كم.. أطعمت.. وساهمت.. وآذرت.. وساندت.. ألم أقل لكم.. إن الحروف عصية والقلم يتمرد.. والحروف ترفض.. بجلاء ورهبة من تصوير هذه القلعة.. المبهرة الشاهقة مصر.. كيف أكتب عن نصر أكتوبر.. وهل.. تستطيع حتى الكاميرات الرقمية أن تنقل في صدق وجلاء تلك الأيام المجيدة من المجد.. والزهو.. والفرح الكبير.. ليس لدي.. ما أقول غير أن هذا اليوم فينا يوم عيد.. إنه ليس نصراً عسكرياً في الميدان.. وسط الأهوال.. والأشلاء والدخان.. فحسب.. إنه نصر مضوٍ.. أعاد الثقة وملأ جوانح كل الأمة العربية أملاً.. وقدَّم للعالم درساً.. إن المواطن العربي.. يمكن أن يصنع المستحيل.. بأقل الإمكانيات تواضعاً.. أما أبلغ الدروس فقد كان.. هو إزالة وهم إسرائيل التي لا تُهزم.. من أذهان الواهمين.. أحبتي في شمال الوادي.. شكراً لكم.. وأنتم.. تهبون الأمة العربية بل كل.. أحرار العالم.. فرحاً عاصفاً.. بنصر أكتوبر المهيب.. وعاشت مصر أبداً.. سنداً وعوناً وعضداً.. لكل.. طارق بيد من حديد.. أبواب الحرية..