عندما نتحدث عن العالاقات الخارجية والحنكة الدبلوماسية فاننا لا نستطيع ان نتجاوز في هذا المضمار اهلنا في المغرب الشقيق. إذ لهم باع كبير وعلم رصين. إذا تأملنا الوضع الراهن في المنطقة العربية والإفريقية فإن المدرسة المغربية ذات النهج الإسلامي الوسطي هي الأجدر بالإقتداء . إن المغرب تحت القيادة الرشيدة لعاهلها المفدّى جلالة الملك محمد السادس، استطاعت أن تجتاز كثير من الإمتحانات الصعبة التي سقط فيها بجدارة معظم دول المنطقة. فمن الناحية الإقتصادية إستطاع المغرب خلال العقد المنصرم من عقد العشرات من الإتفاقيات ذات الوزن الثقيل مع كبريات الدول سواء الأروبية أو الخليجية أو الإفريقية، كان عائدها الى خزانة الدولة المليارات من العملة الصعبة ومئات الآلاف من فرص التشغيل. ناهيك من البنى التحتية التي تشغل أولى أولويات الأجندة الملكية. إن مفهوم القيادة تعني في المقام الأول «المسؤولية»، إذ يقول المصطفى صلى الله عليه وسلم (كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته) صدق رسول الله. إن المملكة المغربية أعزها الله- ليس فيها نفط ولا يحزنون، فهي تعتمد على الفوسفات والملاحة والسياحة والفواكه ... هذا إذا تم مقارنتها ببعض دول المنطقة، ولكن التحلي بالمسؤولية والإرادة جعل المغاربة يخضعون واقعهم لمرتكزات موضوعية اتاحت لهم النهوض بمشروعهم النهضوي بسلاسة، مما سمح لهم بتجاوز جميع دول المنطقة بما فيهم الدول البترولية المجاورة . ففي مجال الصناعات الثقيلة إستطاع المغرب أن يعقد شراكات ذكية مع الدول الصناعية العظمى مثل اسبانيا وفرنسا، فأصبح المغرب يجمع ويصنع السيارات ذات العلامات التجارية الكبرى تحت أيادي مغربية مئة في المائة، وبذلك يكون قد حل مشكلة البطالة التي طالما أرّقت المغاربة ردها من الزمان. لقد لعب المغرب دورا هاما في إرساء دعائم السلام في المنطقة العربية على وجه العموم ومنطقة غرب وجنوب غرب أفريقيا على وجه الخصوص. لقد تصدى المغرب لمشكلة البطالة لديه وذلك بحكمة وحنكة عاهله المفدّى، والآن التفت لينقل خبرته وحنكته هذه لأصدقائه من دول الجوار، فأصبح المغرب يستقبل المهاجرين من الدول الإفريقية طالبي اللجوء السياسي، وذلك بالتعاون مع المنسقية الدولية لحقوق الإنسان والإتحاد الأروبي. إن التقدم الذي يشهده المغرب حاليا على مختلف الصّعد جعل بعض مكاتب الدراسات مثل «أوكسفورد بيزنس غروب» في بريطانيا تسلّط الضوء على هذا النمو المضطرد، خصوصا في مجال قطاع صناعة السيارات وصناعة مكوّنات الطائرات. إن السياسة التي تنتهجها السلطات المغربية تحت القيادة الرشيدة لصاحب الجلالة محمد السادس تجاه الإستثمارات الخارجية من توفير مناخ مشجع للإستثمار. كما أن رعايتهم وصيانتهم للجانب الجبائي كان له الدور الأعظم في تشجيع المستثمر الأجنبي وجذب رؤوس الأموال للدخول الى السوق المغربية باطمئنان وثقة . إستطاعت هذه الشركات العمل في مختلف المجالات إبتداء من أسلاك الطائرات الى تصنيع السيارات مما جعل المغرب تتربع على عرش مصنعي السيارات في منطقة شمال إفريقيا والثانية على مستوى القارة الإفريقية بعد جنوب إفريقيا. إن التقدم الذي يشهده المغرب في مختلف القطاعات سواء القطاع التجاري والمصرفي والصناعي أو ذاك التقدم الملحوظ في إرساء البنى التحتية والإهتمام بالطاقة البشرية الشابة في المغرب، هما ما جعل المملكة المغربية خير شريك للولايات المتحدة والإتحاد الأوروبي. إن الرؤية الشاملة الثاقبة لجلالة الملك محمد السادس تجاه إفريقيا هما ما أهلته ليحظى بثقة جميع ملوك ورؤساء المنطقة بالخصوص والعالم على الوجه العام . وذلك لطريقة التفكير التي ينتهجها جلالته في سياساته، سواء الداخلية أو الخارجية، ففي ظل الأزمات المتلاحقة المتمثلة في «الإرهاب» التي تضرب إفريقيا في خاصرتها ويعاني منها الإنسان العربي ويدفع ثمنه جراء الهجرات الجماعية للشباب العربي والإفريقي، نجد المغرب بكل كبرياء وثقة يدعو إلى الإصلاح من الداخل والعمل في إفريقيا ولسان حاله يقول، لا يزال هناك أمل، إن شعلة الأمل التي يحملها العاهل المغربي لدول إفريقيا وشبابها على وجه الخصوص، هي تتمثل في الزيارات المتجددة والمتتابعة المتتالية لجلالته لدول غرب وجنوب غرب إفريقيا، والتي تنزّلت بردا وسلاما على هذه الدول في إتفاقيات إقتصادية تجارية صناعية، ترجع في نهاية الأمر بالمنفعة المتبادلة للطرفين المغربي والإفريقي. لقد أتت كل هذه الإتفاقيات ذات الطابع الإصلاحي نتيجة لرؤية ثاقبة وتخطيط محكم نابعة من حكيم إفريقيا جلالة الملك محمد السادس. (2) وعلى غرار ما سبق، حطت الطائرة الملكية مرة أخرى في مطلع شهر فبراير على أرض إفريقية يترجل منها وفد مكوّن من مئة شخصية مغربية مهمة وفي مقدمتهم جلالة الملك محمد السادس، وهذه المرة توغل جنوبا الى مالي في رحلة دائرية تشمل كل من مالي وساحل العاج وغينيا والغابون. ففي الفترة التي يتجه فيها البعض شمالا تتجه الطائرة الملكية جنوبا، نزولا لحكمة جلالته وطلبا للفائدة المتبادلة المستدامة في الأمن والإقتصاد بين دول جنوب غرب وجنوب جنوب إفريقيا، وقد شملت هذه الإتفاقيات القطاع المصرفي والزراعي والخدمات الجوية والصناعات وتشجيع عمليات الصادر بين هذه البلدان في الصناعات الدوائية والمعادن والنفط والغاز وغيرها من المجالات التي تعتبر عماد الدولة الرئيس.إن مثل هذا العمل المدروس، والذي يحصد ثماره مباشرة المواطن لم يأت هكذا بخبطة واحدة أو بعصى سحرية، بل كانت حصيلة رؤية متكاملة وتخطيط محكم من طاقم إداري هندسي وفني يقوده العاهل المغربي بذات نفسه. إن المملكة المغربية اليوم تعتبر البوابة الجنوبية لأوروبا والمقصد السياحي الذي يحج إليه العالم من كل حدب وصوب، وذلك للسياسة الحكيمة والشراكة الذكية التي يقيمها مع دول الجوار على وجه الخصوص . لقد أنجز الملك الشاب ما يناهز السبعة عشر إتفاقا في مالي، غطّى مختلف مجالات التعاون بين البلدين. وكان العنصر البشري هو المستهدف من هذه الإتفاقيات. إن أحدى أسباب الهجرة القسرية التي يعاني منها الإنسان في إفريقيا والعالم العربي هو تدني الوضع الإقتصادي وتفشي ظاهرة البطالة مما أصّل للفقر موطنا أساسيا في المنطقة. فأتت شعلة الأمل الملكية لتبذر بذرة أمل لمستقبل مشرق لإنسان المنطقة . وبهذه الخطوات الثابتة المدروسة الراسخة، ربما نشهد في المستقبل القريب بما يشبه التوأمة بين بلدان جنوب غرب أفريقيا تكون نواة لجسم أكبر يتمثل في «الولاياتالمتحدة الإفريقية» يقودها المغرب.