على الرغم من الإسهام الواضح للتعدين التقليدي في زيادة الدخل للأسر ومساهمته في الموازنة العامة للدولة عقب خروج النفط، إلا أنه ومن خلال أعمال التنقيب الأهلية ثبت فيما لا يدع مجالاً للشك ظهور العديد من الآثار السالبة على البيئة والصحة في مناطق التعدين بالبلاد خاصة في السنوات الأخيرة التي شهدت فيها البلاد نشاطاً واسعاً لعمليات التنقيب عن الذهب بواسطة المواطنين.. وشارك في هذا النشاط حوالي مليون مواطن مما انعكس ذلك إيجاباً على رفع المستوى المعيشي لأعداد كبيرة من الأسر. ما ذكر أعلاه واحد من القضايا التي حرصت وزارة المعادن على مناقشتها عبر الملتقى السنوي والخاص بقضايا التعدين التقليدي الذي ختم أعماله بالخرطوم من قياس الأثر الاقتصادي للتعدين التقليدي وتقييم الوضع الراهن لنشاط التعدين التقليدي والحرفي ومخاطره الأمنية ومراجعة تشريعاته والأرقام التي حققها هذا القطاع ودراسة الأثر الاجتماعي له وفوق كل ذلك أثره على البيئة والسلامة والصحة.. وقد شرفه النائب الأول لرئيس الجمهورية. لكن يظل الخطر الأكبر والذي يمثل هاجساً كبيراً لوزارة المعادن وللمعدنين بصفة خاصة هو المتعلق بسلامة الصحة والبيئة المحيطة بهم والتي أكدت التجارب العلمية مدى تأثير المواد الكيميائية المستخدمة في استخلاص الذهب على «التربة- الهواء- الماء» والتي يمتد أثرها إلى أجيال قادمة.. وقد اتجهت وزارة المعادن في الآوانة الأخيرة لإبرام عقودات مع بعض الشركات التي تعمل في معالجة مخلفات التعدين التقليدي للذهب لعدد من المناطق وباستخدام تقنية حديثة وآمنة ومتوافقة مع معايير السلامة والمحافظة على البيئة.. وقد أثبتت الدراسات في هذا الخصوص إمكانية استخلاص 93% من الذهب فيها باستخدام تقنية إضافة الكربون. يقول محمد عمر عبد السلام المدير العام لشركة رضا الهندسية والإنشاءات العاملة في مجال مخلفات التعدين، إن الأخيرة عبارة عن كميات الصخور والتراب التي تخلفت عن معالجة المعدنيين العشوائيين.. حيث يقومون بتكسير الصخور بالأيدي والحفارات ثم مرحلة الطحن ثم بعد ذلك استخدام الزئبق لاستخلاص المعدن.. وهذه المخلفات تكون مختلطة مع الزئبق وموجودة ببعض المناطق الزراعية مما يترك أثراً سالباً على البيئة، وأضاف عبد السلام أن المشكلة تكمن في عدم وجود قانون واضح ينظم العملية نسبة لحداثة التجربة وغياب تشريعات سابقة. بينما يرى خبير في مجال إيجاد البدائل للمواد الخطرة معتصم التوم المدير العام لشركة أبو رقية للتنمية أن ما يقوم به التعدين التقليدي في دعم اقتصاد الدولة دعم كبير وبناء، إلا أنه طالب بضرورة معالجة الآثار السالبة له.. وقال إن تلك المخلفات تحوي كميات كبيرة من الذهب لا يستطيع التعدين التقليدي استخلاصها.. وأوضح معتصم أنهم اتجهوا إلى استجلاب تقنية حديثة تعمل على استخلاص معدن الذهب بمواد صديقة للحيوان والإنسان والبيئة.. وكشف عن مادة بديلة للزئبق وهي مادة «الستلايث» ولكن قال إنها تحتاج إلى أن يتم التعامل معها بحذر مثلها مثل مادة «الصبغة».. وأضاف الاثنتان من المواد القاتلة إذا لم تستعمل بضوابط ومحاذير معينة.. وأكد أهمية معالجة المخلفات «الكرتة» حتى لا تتبدد ثورات البلاد. بدر الدين محمود وزير المالية كشف عن سياسات جديدة تهدف إلى توفير النقد الأجنبي بالبلاد في الفترة المقبلة وقال إن البنك المركزي يقوم بشراء الذهب.. وأشار لاستقطاع نسبة (10%) من الكمية التي يتم شراؤها من الذهب كاحتياطي ونقدي. وقال بدر الدين محمود في تصريحات صحفية أمس خلال مشاركته في ملتقى التعدين التقليدي إن صادرات الذهب في الفترة السابقة أسهمت في سد أكثر من (50%) من فجوة موارد النقد الأجنبي عقب انفصال جنوب السودان.. وقدر حجم الصادرات ب (4) مليارات دولار من العام (2011) حتى العام الحالي من شهر مايو. وأشار إلى أن صادر الذهب في الربع الأول من هذا العام بلغ (20) طناً ساهم في تدفق النقد الأجنبي وسد الفجوة والعجز في الميزان التجاري إلى جانب توفير احتياجات البلاد من السلع المستوردة.. وأكد أن السعر الذي يتم تحديده عن طريق البنك لشراء الذهب يعتبر عادلاً ومحفزاً للمعدنين التقليديين.. وأشار إلى أن الذين يقومون بتهريب الذهب يزايدون على البنك المركزي في الشراء.. وأقر بدر الدين عن تسرب نقدي لمشتريات الذهب ناتج عنه فروقات سعر الصرف. وكان وزير المعادن محمد الكاروري قد أقر بوجود تحديات كبيرة تواجه تطوير التعدين مما يدعو لوضع اللوائح والقوانين المنظمة وتعظيم دور الولايات في التعدين التقليدي واتباع الطرق العلمية وإجراءات السلامة والصحة المهنية وضمان المنافسة بين الشركات العاملة وحل المشكلات التي تواجه المعدنين.. داعياً لتضامن الجهات ذات الصلة في المركز والولايات لتوفير الحلول المناسبة.