نحن في السودان رجالا ونساء نموت في العطور النفاذة ذات الرائحة القوية ، وأقطع ضراعي لو لم يكن هذا العشق المجنون يطارد 99.9 في المائة من أفراد الشعب السوداني . من أغرب الحكايات في هذا الصدد أن سيدة سودانية ولدت وتعلمت وتعيش في الغربة كادت أن تفقد حياتها جراء عطر نفاذ في إحدى زياراتها للسودان ، القصة وما فيها أن المرأة السودانية ، غادرت في إحدى الأمسيات الفندق الذي كانت تقيم فيه وذهبت لزيارة أقاربها المنتشرين في أرجاء العاصمة القومية ، وفي أحد بيوت أقربائها وبعد إنتهاء الزيارة عمدت إحدى قريباتها إلى إخراج عطر نفاذ قوي الرائحة وبخت به المرأة المغتربة ، وما كادت المرأة الناعمة تشم العطر حتى إصيبت بضيق في التنفس وإعترتها كحة حادة وأغمى عليها بسبب بخة العطر النفاذة وجرى إسعافها في المنزل حتى تعافت من هوجة العطر اللعين . هذه القصة مجرد مدخل لعوالم العطور ويقال أن المرأة تعرف من عطرها ، فالمرأة التي تستخدم العطور الناعمة وغير النفاذة تمتاز بالنعومة والثقة في النفس ، عكس السيدة التي تبخ على نفسها كميات هائلة من العطور النفاذة ، ومثل هذه السيدة من وجة نظر خبراء علم النفس إمرأة عشوائية تحاول مدارة نقصها بالعطر النفاذ . المهم في الموضوع إن صناعة العطور في الراهن تشهد ملايين النسخ المزيفة من الماركات العالمية لدرجة الإنسان لم يعد يعرف المزور من الأصلي وع الأصل دور. لكن الأطباء يؤكدون أن العطور العشوائية يمكن أن تتسبب في حزمة من الأمراض ربما تصل إلى الاورام الخبيثة ، وبحمد الله أن صناعة العطور العشوائية في السودان نمت بصورة كبيرة خلال ال20 سنة الماضية ، إذ أن أكثر من 90 في المائة من معامل العطور لدينا تسعى للربح فقط دون النظر إلى مواصفات الصحة ، خصوصا أن منتجي العطور يستخدمون المواد الصناعية بإفراط. من أغرب الغرائب في زمن العجائب أن بعض المجانين الأمريكان إبتكروا أصناف من العطور الغريبة منها ، روائح بنكهات غرف الموتي ، عطور برائحة اللساتك ، عطور برائحة البيض المخمر ، وعطور برائحة المراحيض ، وبالمناسبة نحن لدينا الكثير من أنماط هذه العطور ويمكن ببساطة أن نتصدر العالم في إنتاج العطور ذات الروائح الغريبة ، ولكن هل لدينا من يفكر في إبتكار عطور للسلام في السودان ، بصراحة عدييييييل كده لا أتصور ان هناك من يستطيع إبتكار هذا النوع من العطور وستظل روائح الموت المجنون تطارنا في صحونا ومنامنا ، طالما أن صقور الإنقاذ الباهتين وطالما أن صاحب الإبتسامة الصفراء ونظيره المناور الكبير يعملون على تفتيت الوطن تفتيت مش زي فتيت المسك وأنما تفتيت دموي ، إذن على الشعب أن يخرج من دهليز الصمت ويكسر زجاجة العطر الرديء وع الأصل دوّر .