أراد الله لمجاهدي حماس أن ينتصروا دون مساعدة من أحد، ليثبت الحجة عليهم! عندما كانوا يعتمدون على الجامعة العربية تركهم الله للعرب فما زادهم العرب إلا خبالاً! مجموعة (الصهاينة العرب) بقيادة السيسي المصري استطاعت أن تلقم نبيل العربي حجرًا ففقد القدرة حتى على تصريحات (علاقات عامة) ليستر بها عورته مع فلسطين! *** لك الله يا حماس.. فقد صارعت الآلة العسكرية الضخمة التي هزمت الجيوش العربية مجتمعة. وكان عليها أيضاً أن تصارع التهميش السياسي من قبل الحكومة المصرية. تلك الأنفاق التي كان يتنفس من خلالها حاربها الجيش المصري في الغرب والإسرائيلي من الشمال. مارست مصر دكتاتورية الجغرافيا وسدت مصر رفح ولم تكتف بذلك بل حاولت أن تحيل الانتصارات العسكرية إلى هزيمة سياسية. قدمت المبادرة المصرية بطريقة مريبة متزامنة مع بدأ العدوان العسكري الإسرائيلي ولم تخف إسرائيل تصفيقها لها بل فضلتها على مبادرة كيري الأمريكية! هذه المبادرة جاءت كأنها رؤية سياسية مكملة للعدوان الإسرائيلي! لهذا لم يجد نتنياهو في خطابه الهزيل إلا أن يتغنى بالهدية العربية له وهو الحلف المنتظر بين إسرائيل وعدد من دل عربية تجمع بينها الكراهية للإخوان المسلمين. كان مضحكاً أن تشترط مصر أن تفاوض حماس وهي تحت (إبط) حكومة أبو مازن لإذلالها!! هل من المعقول أن تجد بالسياسة ما عجزت عنه بالحرب؟!! هذه المجموعة الجهادية بقيادة حماس استطاعت أن تقاوم آلة عسكرية فشل المصريون في مواجهتها ولا يضيرها حتى لو لم تقدم لها دعوة ، ومن حسن التدبير أن أبطال غزة الرئيسيين لم يشاركوا في الوفد إلا بتمثيل منخفض ولا يهم تحت أي حجة! أما المؤازرة السياسية لإسرائيل من قبل الدول المعادية للإخوان هي السبب الرئيسي للخسائر البشرية بين صفوف المدنيين ، حتى ولو افترضنا أنهم لم يحرضوا خلف الكواليس كما يقول الإعلام الغربي، مجرد صمتهم دليل على التواطؤ. أما الإعلام المصري الذي (يخاف وما يختشيش) يحمل حماس مسؤولية المذابح الإسرائيلية، وهناك من صفق لإسرائيل كما كان يصرح بعض الأقباط. *** الذي ظهر جلياً أن القوة التي ظهرت بها حماس كانت مفاجأة حتى للفلسطينيين، ناهيك عن الإسرائيليين .هذه المفاجأة هي التي خلطت الأوراق وأظهرت العورات. قدمت حماس ورصيفاتها (حضارة) مبهرة في التخطيط والسيطرة والتأمين والتدريب. المقاتل من حماس متفوقاً على الجندي الإسرائيلي دون أدنى مبالغة، لهذا، التصادم المباشر لا يتورع عليه اليهود. لأول مرة فشلت المخابرات الإسرائيلية في اختراق صفوف المقاومة، لم يستطيعوا الوصول إليهم وهم يديرون الحرب من باطن الأرض.. فاقوا «الفياتكنج» الذين كانوا يقفزون على رقاب الأمريكان من حيث لا يدرون في مستنقعات فيتنام. كان مثيرًا للاستغراب والعجب أن يحارب هؤلاء المحاصرون منذ أكثر من عشر سنوات دون أن يطلبوا مساعدة من أحد والعدو الإسرائيلي يستنجد بالذخائر الأمريكية وحماية القبة الحديدية. تلك الاختراقات التي تمت بطريقة استعراضية للأسوار الإسرائيلية والجنود الإسرائيليون الذين ذبحوا وهم يبكون، لن تزول آثارها من وعي الأجيال اليهودية وهي في الجانب العربي المسلم شفاء في صدور قوم مؤمنين! والبكاء الذي يشفي ليس بكاء أطفال ونساء ومستضعفين بل بكاء جنود قتلوا من تلك الأبراج الكثير من المزارعين وأطفال الحجارة. في وهج الكرامة وهذه الشمس التي أشرقت في الجرح العربي القديم استيقظت إمكانات هائلة كانت مطمورة (بالفضيحة): ظهر محللون سياسيون وانطلقت وحدة غير مسبوقة أحرجت حكومة أبو مازن وما كان أمامها سوى أن تركب الموجة . وعلى ضوء هذه الشمس ظهرت البقع الميتة في الجسم الفلسطيني. الانفعال الشعبي في الضفة الغربية لم يكن بمستوى التضحيات التي قدمها الحاضن الشعبي في القطاع . الأموال الأمريكية التي أغرقوا بها الفلسطينيين في الضفة الغربية لقتل البيئة الجهادية ، فعلت فعلها، هذه الأموال سماها المحللون بأزمة القروض. نخشى أن يتم اختراق هذه المنظومة الجهادية الفائقة تحت مسمى حكومة الوحدة الوطنية و«فتح التاريخية» أصبحت الآن موبوءة بالجواسيس ! ولكن الذي يطمئننا أن المقاومة ليست في حاجة إلى نصائح، لم أسمع محللاً سياسياً ظهر في الفضائيات قدم نصيحة إلا بطريقة خجولة. لم يجدوا أبدع مما قدمه هؤلاء المجاهدون! *** ما تعودنا أن نغني لأمراء الخليج لكي لا نتحمل وزر المظالم السياسية التي تجري هناك! ولكن أجبرتنا «قطر» الفتية أن نحترم مساعيها وأن نتعاطف مع مواقفها، وأن نحي هذا النبل العربي في مواقفها. هذه الدويلة الصغيرة المتفوقة في الثقافة والإعلام قدمت تجربة تحدي في مناصرة المستضعفين غير مسبوقة في الأوساط الخليجية. ولو لا الطائفية التي ظهر بها حزب الله وإيران في سوريا عند قمعهم لثورة الشعب السوري لكان سهلاً علينا أن نحي إيران الصامدة في وجه الغرب الأوربي وإسرائيل، وحزب الله «أستاذ» المقاومة في الشرق العربي!! هذه الحضارة التي ولدت في الجرح الفلسطيني لها ما بعدها وحتماً ستفرض نفسها في السياسة، كما فرضت في المقاومة العسكرية، ومصر ليست أقوى من إسرائيل وأمريكا. وعلى ذكر أمريكا نذكر أن حماس استطاعت لأول مرة أن تقنعنا بضعف الخلفية الأخلاقية لأوباما. لدى حادثة الضابط المخطوف ظهراً جلياً أن أوباما كان يبحث عن ذريعة ليسكت عن المجازر التي ارتكبت في غزة. سرعان ما أعطى الضوء الأخضر للمذابح بصريح العبارة قبل أن يتأكد من صحة الإدعاءات الإسرائيلية التي سحبت إعلانها في اليوم التالي وأقرت بأنه قتل. والمصيبة الكبرى كانت ورطة الأمين العام للأمم المتحدة. كان معروفاً بالتريث والتحقق في كل القضايا التي لا يبتون فيها إلا بلجان تحقيق تأخذ الشهور إلا في العدوان الإسرائيلي ، بعد دقائق محدودة تبنى الأمين العام الرواية الإسرائيلية ودرءًا للحرج اعترف نائب الأمين العام في اليوم التالي بعدم التحقق الكافي!! والأغرب أن «بان كي مون» حاول دون حياء أن يطلب من قطر أن يتوسط وما كان من أمير قطر إلا وانفجر فيه وذكره في لغة أقرب للتوبيخ أن الأممالمتحدة أخطأت حين تسرعت في التصريح . هذه الصلابة التي أبدتها حماس أفقدت إسرائيل صوابها، وظهر ذلك جلياً في القتل العشوائي للأطفال والنساء وتهديم البيوت والمشافي ودور العلم والعبادة ، هذا الارتباك أدى إلى فقدان إسرائيل رصيدها لدى الشعوب الأوربية، وقد كان هذا مدعاة للسكوت الأوربي. ورغم مرارة هذه الوقائع على المقاومة والشعب الفلسطيني إلا أن حلاوة استرداد الكرامة كانت أعمق، وهذه هي الثغرة التي طمأنت المقاومة على الصمود!! هكذا أشرقت الشمس على يد حماس وبدأ الجرح الفلسطيني يندمل.. لم أشاهد مثل هذا التلاحم الفريد بين الفلسطينيين في الضفة وعرب 48 ولم نر سوى الحيرة والتصادم بين الإسرائيليين والأمريكان. ونحن ننعم بهذه الكرامة المستردة لا يجب أن ينسى العرب والمسلمين أيادي الرئيس المصري محمد مرسي. لو بقي هذا الأسد الجريح لعام آخر أو عامين لحلت مشكلة فلسطي،ن ولكن جيش كام ديفد لم يمهله!! هذه الحضارة التي انبثقت من أزقة غزة الفقيرة سببها أنه استطاع أن يرفع الحصار في رفح لشهور معدودة للفلسطينيين. وكانت هذه المدة القصيرة كافية لتستفيد منها هذه المقاومة الذكية. فعل ذلك رغم تململ الجيش المصري الذي شرب طويلاً من العقيدة العسكرية الأمريكية. قاوم عسكر كام ديفيد بقدر ما استطاع ورغم أنهم غدروا به إلا أن العرب والمسلمين والضمير الحي في العالم يقطف ثمار ما قام به الآن !!