الخبر الذى تصدر صحفنا اليومية وازعج الناس خلال اليومين الماضيين وشارك اخبار تقرير المصير لمواطنى الجنوب والارتباك الذى يسببه فى الأوساط السياسية هو ان بلادنا الكبيرة تسرب إليها ألف طن ومليونى لتر مبيد وكل هذه الكمية فاسدة ولاتصلح لغرضها والأمر الخطير أن هذه المبيدات الفاسدة ان أريد التخلص منها فإن ذلك الفعل يكلف مليارات الدولار بحسب إفادة الدكتور خضر جبريل مسجل مجلس المبيدات لصحيفة الصحافة فى عدد اول أمس الأربعاء وفجيعة أخرى متعلقة بالمبيدات الفاسدة وهى إرجاع باخرة محملة بمحصول السمسم كانت فى طريقها الى دولة أسيوية بسببب إختلاط المبيد بالمحصول . وتتوالى الفواجع والكوارث والأوجاع فى أن هذه المبيدات الفاسدة بدأت تتسرب للولايات . لن نهتم كثيراً فى هذه المساحة بإسم المبيد ونوعه واستخداماته ولكن مايهمنا والذى هو إهتمام القارئ الكريم كيف تتجرأ شركة على توريد هذه الكمية من مبيد فاسد ومن الذى سمح لها بذلك وكيف دخل هذا المبيد الفاسد ويفترض أن منافذ الدخول إلى البلاد تحرسها هيئات امنية وإقتصادية ومواصفات ومعايير . هذه القضية يجب ألا ننظر إليها فى حدود شركة تخطئ فى مواصفات أو تستعجل الربح فتأتى بمثل هذا المبيد الفاسد ولكن يجب أن ننظر إليها كقضية تخريب إقتصاد بلد كامل خاصة وأن المبيد المستجلب هو لحماية محصول القمح المرتبط بالأمن القومى للبلاد التى تعانى حصاراً إقتصادياً وتمنعاً فى أن يورد إليها هذا المحصول الذى يقوم السيد نائب رئيس الجمهورية على أمر مجلس النهضة الزراعية لتأمين حاجة البلاد منه ومن المحاصيل التى صارت تستخدمها الدول المنتجة وسيلة ضغط وتركيع للدول المستهلكة . لماذا مبيد فاسد لمحصول القمح بالذات وفى هذا التوقيت من أحرج الفترات فى عمر البلاد . منظمة الأغذية والزراعة العالمية « ألفاو» احاطت إنتاج المبيدات وتسويقها وتوزيعها واستخدامها بمدونة سلوك دولية تفادياً لأى أضرار على الإنتاج الزراعى أو على الإنسان والحيوان لما تمثله هذه المبيدات من مخاطر عليهما إن حدث أى إنحراف فى استخدامها أو أى تساهل فى مواصفاتها وهى تشجع بهذه المدونة التى تلتزم بها كل الدول على اتباع ممارسات تجارية رشيدة ومقبولة تراقب وتضبط وتقلل من المخاطر الكامنة فى مناولة المبيدات بالأمانة والفعالية كما ورد فى هذه المدونة . وتحمل المدونة الحكومات المسئولية العامة عن تنظيم توافر المبيدات وتوزيعها واستعمالها فى بلدانها . حكومتنا تقصرعندما لاتتصدى لمسئولياتها العامة أو تضبط وتحاسب المؤسسات الرسمية المعنية بعمليات التنظيم والتوزيع والإستعمال للمبيدات لتأتى مثل هذه الشركات وتمد لسانها الى الكافة وتدخل مبيداً فاسداً ليهلك محصولاً إستراتيجياً وليمتد أثره الضار ليشمل الإنسان والحيوان . تحتاج بلادنا الى تعامل شفاف مع كل من يجلب ضرراً لبلادنا وأهلها وأن تكشف أمثال هؤلاء الى الرأى العام حتى لايعودوا من منافذ اخرى . القرأن الكريم وانظمة قانونية فى معظم الدول تكشف أسماء من يرتكبون الجرائم الكبرى وتطلب من الناس أن يكونوا شهداء على عقوبتهم ومعرفة حيلهم وأساليبهم . فى بلادنا نستر مرتكبى الجرائم الموجهة ضد الناس وأرواحهم . قبل بضع سنين اكتشفت السلطات مخابز تستخدم محسنات مسرطنة ومحرمة ولم تعلن عنها حتى لايتعامل الناس معها . كما تم اكتشاف مصانع مياه معدنية مخالفة للمواصفات ولم تعلن السلطات أيضاً أسماء هذه المصانع حتى يتفادى المستهلكون انتاجها وحالات كثر فى سلع وخدمات . أيها الحكومة الشركات التى استوردت مبيداً فاسداً تحارب الدولة وتعرض أمنها القومى للخطر .