المقولة الشهيرة لزرقاء اليمامة (إني أرى شجراً يسير) ينبغي على (الحزب الحاكم) التوقف عندها قليلاً قبل إدارته لدفة سفينته في مقبل الأيام، فالمقوله تكاد تنطبق على تحذيرات رئيسة قطاع الفكر والثقافة د. انتصار أبوناجمة التي حطت رحالها مؤخراً في التعديلات التي أجريت من قبل قيادة الحزب على أمانات وقطاعات التنظيم، وجاءت أبوناجمة خلفاً للدكتور فرح مصطفى في رئاسة القطاع وفي أول تصريح لها أعلنت على رؤوس الأشهاد بأن شريحة (الشباب) باتت أكثر انجذاباً للمعارضة من الحكومة، بل واشتكت من قلة استقطاب الشريحة داخل حزبها.. وللعارفين ببواطن الأمور ومن لهم دراية بالخطط الاستراتيجية وعلم السياسية، فإن هذا التصريح بمثابة كرت(أصفر) أشهرته (أبوناجمه) في فناء الحزب (الحاكم ) والكل يعلم بأن الكارت الأصفر يليه دون شك (الأحمر) رمز (الخطر).. فالشباب هو العمود الفقري لثورة الإنقاذ الوطني منذ الميلاد في(1989) وهم الخط الحيوي لكل تنظيم سياسي إذا فقده فإن الحزب يسرع الخطى بقوه نحو (الشيخوخة). ورغم متابعتنا لإهتزاز القاعدة، الصلبة للحزب الحاكم مؤخراً نتاج ظروف ومؤشرات عديدة خلال السنوات الأخيرة مثل غيره من الأحزاب، تعرض الوطني لذلك النزيف سواء في القيادة أو القاعدة، فمنذ أن بدأ الحديث داخل الحزب الحاكم عن التغيير والإصلاح السياسي والمؤسسي في هياكل التنظيم كان قد سبقه انتقاد قيادات لمسيرة حكم الإنقاذ، أدى ذلك لانسلاخ مجموعات وقيادات إسلامية مثل د.غازي صلاح الدين العتباني وتشكيل (حركة الإصلاح الآن) وحادثة المحاولة الانقلابية الثانية لمحمد عبدالجليل ابراهيم المشهور (بود ابراهيم) وغيرها من الأحداث يتطابق ذلك مع (دراسة علمية) أجراها (مركز السودان لاستطلاعات الرأي العام).. كشفت عن تراجع قبول (المؤتمرالوطني) وسط الشباب والنساء وكانت ساحة الدراسة (15) ولاية و(100) محلية.. وأجريت الدراسة على (5000) ألف أسرة وباقتران الدراسة والنقد اللاذع المرسل من قبل القيادي التاريخي في الحركة الإسلامية، ورجل الدولة كما يوصف الأستاذ علي عثمان محمد طه لحركات الإسلام السياسي واعترافه النادر بضرورة (مراجعة شعار الإسلام هو الحل) تقع حتمية إعادة النظر والمراجعة للإنقاذ وشعاراتها في (الدولة والحزب) فالطريق زاخر بالتحديات والصعاب.. أردنا من السرد المعمم لأحداث (وصفت من قبل المحليين بالأحداث الجسام) على الحزب الحاكم في الفترة الماضية، طالبوا بعدها الوطني بضرورة وضع خطط عاجلة وفاعلة لاستعادة مؤسسات الحزب لحيويتها وقوتها من أجل إعادة تقييم ومراجعة تسبقها مساعٍ لإعادة لم الشمل، وإعادة العضوية المتمردة أو المبتعدة أو المبعدة وإعلاء شعار (العفو) باعتبار أن التوقيت عامل مهم في بقاء الأنظمة والأحزاب.. فالشباب هم عماد (ثورة الإنقاذ)، وقد أدخل الحزب العنصر الشبابي بنسبة(70) % داخل قطاعات وأمانات التنظيم مؤخراً- حسب تأكيدات قيادة الحزب- (عشية الإعلان) عن استكمال المكتب القيادي وتجديد عضوية المكتب القيادي ورؤساء الأمانات والقطاعات. لكن بالمقابل يباهي الحزب الحاكم بنفسه، ويؤكد امساكه بزمام الأمور فمن خلال المؤتمرات العامة التي عقدها الحزب الحاكم في سبتمبر الماضي، ظل نائب رئيس الوطني البروفيسور إبراهيم غندور يردد أن حزبهم أقوي ومتماسك من اي وقت مضى، وأنه في أحسن حالاته ولا خروج عن الصف، رغم أنه وعقب الفراغ من المؤتمرات أبدى الحزب عدم رضائه عن ما صاحبها من ممارسات من جانب المرشحين خاصة الولاة، وكان الأمر محفزاً بأن يتراجع الحزب عن اختيار المرشحين واللجوء لتعيين الولاة. ومهما يكن من أمر إذا لم يلتفت الوطني الى تقييم مشروعه الذي طرحه للشعب السوداني وانتبه للمرحلة فإن الوقت سيمر.. فاليوم في (عالم السياسة ليس كغد)، ويظل السؤال قائماً هل تراجع الإنقاذ نفسها أم تقول ل(أبو ناجمة) كما قيل لزرقاء اليمامة من قبل قومها «خرفت ورق عقلك وذهب بصرك».