ليلة السبت الماضية لم تكن كسابقاتها من ليالي الخرطوم فقد كانت ليلة فريدة ومتفردة، حيث شهدت في مسائها الباكر تقاطرًا جماهيرياً حاشدًا صوب قاعة الصداقة من مناطق الخرطوم المختلفة ومن الشمالية للمشاركة في تكريم المناضل القامة الأستاذ سيد أحمد الحسين الأمين العام للحزب الاتحادي الديمقراطي، وجسدت هذه الحشود الجماهيرية تجسيدًا حقيقياً وفاء الشعب السوداني وجماهير حزب الوسط العريق لرموزه ورموز الوطن الذين قدموا التضحيات الجسام التي مثلت محطات هامة في تاريخ السودان الحديث، ومسيرة حياة المناضل الرقم سيد أحمد الحسين تمثل حالة فريدة من المثابرة والاصرار على النجاح حيث بدأ مسيرته وهو يافع بخلوة الشيخ علي قشي بمسيد الشيخ حاج عيسى بالمنطقة، ثم انتقل الى خلوة الشيخ صالح فضل الشهيرة بمنطقة مورة وفي زمن قياسي حفظ كتاب الله وجوده، واحتفل أهل المنطقة بهذا الشاب المعجزة، ثم انتقل الى معهد أم درمان العلمي ينهل من العلوم الاسلامية، ولما كان طموحه بلا حدود فقد شد الرحال الى القاهرة لمزيد من المعرفة في ضروبها المختلفة فالتحق بالأزهر الشريف نهارًا ولأن روحه المتوثبة لمعانقة كل جديد من ضروب المعرفة فقد وظف ساعات المساحة المسائية للدراسة، فنال الشهادة الابتدائية في ستة أشهر وبعدها تفوق بشكل ملحوظ، وحاز على الشهادة التوجيهية، ولم يقف طموحه عند هذا حيث التحق بعدد من معاهد اللغات الأجنبية استعدادا لمستقبله المرتقب الذي كان يعد له في اصرار فاتقن اللغة الانجليزية وبعضاً من اللغة الفرنسية.. ورجع لأرض الوطن غانماً والتحق بأول دفعة بجامعة القاهرة فرع الخرطوم دارساً للقانون، وبعدها انخرط في العمل العام، وكان له دور بارز في أروقة الحزب الاتحادي الديمقراطي مدافعاً عن أهدافه ومعارضاً شرساً للحكم العسكري الدكتاتوري.مسيرة الحسين في الأربعين عاماً الماضية كانت حافلة بالعطاء الجزيل في ساحات العمل الوطني مناضلاً جسورًا لتحقيق أهداف الشعب السوداني في الحرية والديمقراطية والعيش الكريم.. وواجه ما واجه في عهد الانقاذ في سجون بيوت الأشباح وغيرها من السجون في الضعين وغيرها.. ولكن رغم هذا الضنك لم تلن قناته ولم يستكين لكل ضروب القهر.. والحديث عن فضله يحتاج لوقفات عديدة ولكننا نقول إن مسيرة المناضل سيد أحمد الحسين جسدت بحق طموحات هذا الشعب العظيم الذي بادله حباً بحب.ليلة السبت التي كرمت فيها القوى الاتحادية المناضل الجسور الأستاذ سيد أحمد الحسين تحت شعار«ادركوا البلد» كانت بحق ليلة وفاء وعرفان لقائد خرج من رحم هذا الشعب، وكرس جهده وفكره لتحقيق أهدافه.. ليلة الوفاء والعرفان عطرتها أناشيد الختمية المحببة، ورقصات الرق الشعبية، وكلمات عطرة من عدد من المتحدثين، وفيلماً وثائقياً جسد مسيرة المناضل منذ بواكير صباه بقرية (الركابية) في منحنى النيل وبالخرطوموالقاهرة، ومسيرته النضالية في ساحة العمل الوطني طيلة العقود الماضية.