تنسق أربع دول في غرب أفريقيا لمحاربة تنظيم بوكو حرام الإرهابي الذي نشأ اصلاً في نيجيريا.. أعقبه قرار من القمة الأفريقية الأخيرة بمساندة سياسية قد يعقبها سند عسكري إذا دعا الحال.. لتضييق الخناق على التنظيم الذي إعتبره القادة الأفارقة الخطر الأكبر على دول غرب أفريقيا، لكن قرأت تعليقات منتقدة بخفاء رأي قادة أفريقيا لأنهم وضعوا بوكو حرام على رأس الأخطار بدلاً عن وضع وباء الإيبولا .. هذا في رأيي جدال من اجل الجدال.. و تحفظ غير مبرر..لوأن قادة أفريقيا قد خيروا بين محاربة بوكو حرام و محاربة الإيبولا ، فقرروا محاربة التنظيم الإرهابي، و ترك المرض ليفتك بالناس، لكان للإنتقاد أساس من الصحة، رغم أن الفرضية ذاتها خيالية، حيث لا تعارض بين محاصرة المرض الفتاك، و محاربة التنظيم الإرهابي، كما فعلت وتفعل أفريقيا.. فالقارة السمراء تحارب بوكو حرام من غير أن تهمل محاربة الإيبولا.. والعكس صحيح .. فقد حوصر المرض الخطير بجهود دولية لم تتخلف عنها أفريقيا سواء بإجراءات الحجر الصحي أو غيرها من الوقائيات أو بالعلاج و التطعيم وغيرها من خطوات مهمة. وحاربت و ماتزال تحارب تنظيم بوكو حرام بما يناسب الإختلاف بين مكافحة مرض و محاربة تنظيم . و على الإختلاف الرئيس هو أن خطر الإيبولا يتمثل في فيروس لا يعي أن البشر ينظمون حرباً ضده، بينما فيروس التنظيم الإرهابي بشر يعون قرار الحرب و أدواتها، فيتحسبون لها و يشنون في مقابلها الهجمات المضادة .. هنا يكمن الإختلاف الأساسي و من ثم الخطر المضاعف في التنظيم الإرهابي.. فلن يغير الفيروس تكتيكاته إلا بتغييرات في طبيعته بما تجعله أكثر تحصيناً ضد الدواء الجديد ، لكنه مهما فعل فلن يصمد طويلاً ما دام سلاحه «طبيعة تلقائية» ينقصها الوعي، لكن التنظيم يقرأ قرارات القمم ، ويرصد تحركات الجيوش و يتابع أسواق السلاح، و يجمع التبرعات، و يجند الجواسيس، و يضم علماء يبررون أفعاله.. وعى التنظيم الإرهابي بما يفعل تقابله آلية شبه صماء في أخطار أخرى مثل الأوبئة و الكوارث الطبيعية، حيث لا يضع الزلزال خطة لإجهاض جهود البشر في التقليل من آثاره، ولا يرصد الفيضان خطط البشر في بناء السدود ليفسدها أو عمل ردميات ليحبطها، ولا تعقد الميكروبات و الفيروسات إجتماعات و مؤتمرات، فهي أقل خطراً ولو كان ضحاياها اكثر عدداً .. لا أريد بذلك الدخول في مغالطة أيهما أولى بالإهتمام، لأن المعنيين بالأمر لم يدخلوا أصلاً في مفاضلة كهذه، كما أسلفت، لكنه تعليق فرضه جدال زج به أصحابه بلا مبرر، إلا أن يكون لإبداء قدرمن التعاطف مع متشددين يرفعون راية الدين لتحقيق أهداف لا يقرها الدين، و بوسائل يرفضها أي دين، و كل سلوك سوي .