رغم أن المفهوم العام لتقديم الخدمات ينحصر في الصحة والتعليم والمياه والكهرباء والطرق.. إلا أن محلية الخرطوم كانت لها نظرة أوسع من ذلك.. فقد أضافت إلى اهتماماتها أمر الجمال والتجميل والتنظيم.. وفي اعتقادي أن الجمال قيمة من القيم المؤصلة وأن من لا يحمل في نفسه وفي روحه عناصر الجمال.. فإنه لا يستطيع أن يقدم في هذه الحياة ما يسر الناس ويسعدهم سواء أن كان في مجال الخدمات المباشرة أو الاجتماعيات أو الثقافية. ومحلية الخرطوم كما هو معلوم قدمت من الخدمات ما لم تقدمه أي جهة أخرى وذلك في مجال خدمات التعليم والصحة والنظافة وتبليط الشوارع وتنظيم الأسواق.. فما بالكم بالسوق المركزي وسوق السجانة وأسواق الأحياء المتعددة. ولأني في هذا المجال أردت أن أركز على أمر التجميل في اهتمامات المحلية.. فأقول الآن الاهتمام بالنظافة نوع من التجميل رغم أهميتها الصحية.. وإن صيانة الشوارع نوع من التجميل رغم أهميته التخطيطية.. وإن صيانة المدارس والمراكز الصحية نوع من التجميل. أما التجميل المباشر فقد ظهر في تشجير الشوارع الرئيسية.. فتعالوا إلى شارع الستين الذي اصطف نخيلاً من أجود الأنواع من بدايته عند شارع مدني وحتى نهايته على النيل- إن المستقبل وعندما يثمر هذا النخيل سيكون هذا الشارع شيئاً لا يتصوره أحد- أما شارع عبيد ختم فقد أصبح تحفة من الجانبين تحفه الحدائق الغناء والأزاهر التي تسر الناظرين.. وقد انتقل الأمر الآن إلى شارع محمد نجيب وإنني أدعوكم لمشاهدة قطاعه الذي يبدأ عند مستشفى سعد أبو العلا جنوب شارع (61) كبداية لانطلاقة تحول هذا الشارع إلى شيء آخر.. أما حدائق الأحياء فحدث ولا حرج.. فادخلوا معنا إلى جوف أحياء الزهور فتحت وأركويت والصحافة والرياض من خلال الشراكة المجتمعية.. حيث يطل السكان هناك من شرفاتهم ومنازلهم وطرقاتهم على خضرة منتشرة في تلك الميادين تسعد النفوس وتبهجها وترتاح الأعصاب.. فيطلون على الحياة بمنظار من السعادة والهناء. إنه سلوك جديد في مجال الاهتمامات بالجماليات تكمة لمنظومة الخدمات.. إن الساحة الخضراء بالديم تتحدث عن نفسها ومشروع النافورة المركزية بميدان أبو جنزير اتجاه جديد للترويح وسط الزحام وفي ساعات الذروة وفي الأمسيات. إن الزائر لكثير من عواصم العالم يلاحظ الاهتمام المكثف بهذه الجوانب ولكننا ظللنا نعيش وسط الغبار ولا يخطر ببال المسؤولين تقديم الخدمات الجمالية ولا يخطر ببال السكان المطالبة بها.. فظلوا يحصرون أنفسهم في المطالبات التقليدية.. إلى أن رفعت ولاية الخرطوم شعار نحو عاصمة آمنة متحضرة وخضراء فشرعت محلية الخرطوم في تطبيق الشعار بتركيز شديد. لقد عايشت أعمال المحليات منذ عهود كثيرة متعاقبة امتدت لأكثر من خمسة وثلاثين عاماً في مجال الحكم المحلي.. حيث ظل عمل المحليات تقليدياً.. ورغم أن هناك بنوداً كانت توضع في الميزانيات تحت مسمى صيانة الحدائق ولكن هذا البند ما كان يصرف على الحدائق وكان يستفاد منه في أعمال وأشياء أخرى باعتبار أن الحدائق ليست أسبقية. ولكن محلية الخرطوم الآن تكسر هذا الحاجز فتتفتح خضرة وجمال وزهور. التحية لهذه المحلية وهي تقتحم كل المجالات بنجاح وقوة وابتكار والتحية لقيادتها من معتمدها الهمام لواء عمر نمر ومديرها التنفيذي عميق التفيكر هاديء الطباع ولكل العاملين بها من إداريين ومهندسين وموظفين وشعبيين.. ولتحيا محلية الخدمات والخضرة والجمال.