تعددت وتنوعت تجارب وتطبيقات الحكم المحلي بالسودان فى ظل الدولة البشيطة بمستويين مركزي ومحلي (1951 1991م) ثم الدولة المركبة الفيدرالية الدستورية (1991 2015م) وبما أن نظام الحكم المحلي إسلوب من أساليب الإدارة الإجتماعية يتأثر بالعوامل التاريخية والإجتماعية والثقافية والسياسية للبيئة التى يطبق فيها، وتساعد الجذور التاريخية للنظام على ترسيخ القيم والمبادئ التى يقوم عليها والتى لايمكن تجاهلها كلية عند النظر فى تطويره أو تنميته خاصة إذا كان التطوير يؤدي الى تعديل حدود الوحدات المحلية ففي مثل هذة الحالات تنشأ معارضة الأهالي الى الحد الذي قد يعصف بمشروعات التطوير مالم تأخذ الوقت الكافى من الدراسات على المستوي الشعبي الميداني ، وبرغم تعدد وتنوع تجارب الحكم المحلي بالسودان(1951 ، 1960 ، 1971 ، 1991 ، 1995 ، 1998 ، 2003م) والقوانين الولائية (2005م 2015م) والتطور الدستوري الحالي 2015م للقانون الإطاري القومي للحكم المحلي بحكم أن الحكم المحلي أضحي سلطة مشتركة ما بين المستوي القومي والولائي إذ يجب أن يتفادي التطبيق نقطة الضعف التى ظلت تلازم كل تجارب الحكم المحلي القانونية والدستورية السابقة وهى أن التطوير والإصلاح فى العادة لا تسانده الدراسات والبحوث الأكاديمية والميدانية والتى تتناول البناء التنظيمي لإجهزة الحكم المحلي وعمل هذة الأجهزة والعلاقات مابين السلطات بعضها البعض فى ظل شبكية العلاقات القومية، الولائية، المحلية ونتج عن غياب تلك الدراسات المواكبة ضعف تطبيقات نظم الحكم المحلي المتتالية والمتكررة ومن مظاهر ذلك الضعف : 1 تعدد الأجهزة التى تراقب المحليات. 2 المغالاة فى الرقابة من مستويات السلطات الأعلي على المحليات أدت لضعف مبادراتها. 3 إزدواجية تبعية إدارات تعليم الأساس وصحة البيئة لسلطة الولاية بالرغم من وجودها القانوني بالمحليات يترتب عليه إنتمائهم وولاءهم للولاية ويضعف إنتمائهم للمحليات. 4 إعتماد تخطيط الخدمات التعليمية والصحية على الحكم الشخصي للخبراء والمختصين بإسلوب التجربة والخطأ وهو مدخل يتجاهل أمور بالغة الأهمية منها كمثال أ التحليل الصحيح والدقيق للمواقف إعتمادا على التنظيم المتكامل للمعلومات المتاحة. ب التقدير الدقيق للإحتمالات المستقبلية إستنادا على الرؤية الموضوعية والتنبؤ السليم بالسلوك المحتمل للمتغيرات التى تشارك فى إحداث تلك المواقف. ج القياس الدقيق للنتائج والإنجازات بإتخاذ معايير موضوعية متفق عليها مسبقا كاساس للقياس والتقييم. وتوالت سلبيات تطبيقات نظم الحكم المحلي وأضحت من مظاهرها : 1 قصور دور التخطيط الإقليمي(الولائي) والمحلي فى ترشيد القرارات التمويلية والإستثمارية المحلية. 2 عدم فاعلية وكفاءة إدارة الحسابات بالمحليات لعدة أسباب منها تدخل الجهات التنفيذية لتوجية جزء من الإعتمادات المالية لإستكمال العجز فى الموازنات السنوية بدلا من إستخدامه فى تمويل التنمية والإنتاج والتطوير والإصلاح التدريبي. 3 ضعف وبدائيات سياسات وبرامج التدريب التأهيلي والإداري والمهني بالمحليات. لذا من الضرورة أن يواكب التطوير التنظيمي بالتعديل الدستوري للحكم المحلي 2015م (سلطة مشتركة) أن تواكبه خطة طويلة الأجل تهدف لزيادة قدرة تنظيم الحكم المحلي على مواجهة المتغيرات الجديدة ومواكبة المستحدثات التى تفرضها الظروف المتجددة للتصدي للمشكلات المحتملة وحلها بما يحقق الفعالية فى أداء الوحدات المحلية وذلك لان طريق التنمية الشاملة لا يمكن أن يمر من قلب التنمية المحلية، وتبدو إستحالة الوصول الى أهداف ملموسة للحكم المحلي فى الإنماء القومي دون أن تكون للتنمية المحلية الأولوية الأولي فى خطط وبرامج التنميةذلك لان تعاطف وتأييد المواطن المحلي هو شرط لازم للتنمية المحلية وقد يكون تحقيق ذلك التعاطف عن طريق لايرضي عنه المخطط المختصكونه يعني قائمة أولويات لا تتفقمع امنطق المجرد للتنمية ورغم ذلك لا مناص من التسليم بحق المواطن المحلي حتى نحصل على تعاطفه وتأييده وهما شروط أساسية ومبدئية لتحقيق التنمية المحلية فالعبرة فى اللامركزية بالحكم المحلي ليست فى شكل التنظيم القانوني المتبع بقدر ماهى فى التطبيق العملي والذي يجب أن تبرز فيه قدرات معينة تعد فى النهاية محددات أساسية لنجاح اللامركزية بالحكم المحلي مثل: 1 النجاح فى تحقيق قدر مناسب من المشاركة الشعبية فى المحليات. 2 النجاح فى تنمية موارد محلية بشكل مستمر. 3 تكوين وتنمية كادر بشري للعمل فى المحليات بإحساس الخدمة العامة وبقدر مناسب من الكفاءة المهنية. 4 تنمية التعاطف القومي والولائي مع خطط ومشاريع الوحدات المحلية(المحليات). وبما أن التعديلات الدستورية الآنية للحكم المحلي 2015م ستؤدي الى إعادة تنظيم الحكم المحلي بهدف التطوير التنظيمي لإختصاصاته وموارده وعلاقاته التنسيقية الشبكية لذا فإن الحاجة الى التنسيق بين الأطراف(القومي ، الولائي ، المحلي) يمكن أن يحقق جهاز فني متخصص فى إطار الهيكل التنظيمي والوظيفي للمجلس الأعلي للحكم اللامركزي برئاسة الجمهورية وذلك للتأكد من تلبية حاجات الوحدات المحلية من الإداريين والمختصين وتهيئة وتطوير وتنمية الموارد المحلية والبشرية والمادية على أن يعهد لهذا الجهاز بأكثر المهام التنسيقية الشبكية ومن أهمها : 1 وضع مقترحات التشريعات الإطارية الأساسية للنظم المحلية لاسيما فيما يتعلق بإختصاصاتها وتنظيماتها والتنسيق بين التشريعات التى تتصل بها. 2 معايير ومقاييس تحديد الحدود الإدارية للوحدات المحلية. 3 دليل ومرشد حث الهيئات المحلية على المبادرة الحرة لتحسين مستوي الخدمات المحلية. 4 تشجيع الوحدات المحلية على وضع الخطط الشاملة والتنسيق بين الخطط التى تتصل بها. 5 الإهتمام بالتخطيط الإقليمي والتخطيط المحلي وتكاملهما مع التخطيط القومي. 6 دعم وترشيد أهمية التنسيق فى الإدارة المالية للنجاح بالقيام بمسئوليات الوظيفة المالية بإقصي ما يمكن من الكفاية وأهمية توفيق الأدارة المالية المحلية فى الحصول على الموارد المحلية المطلوبة لمواجهة الخدمات المحلية دون الإنتقاص من الإستقلال المالي مما يكفل تأدية القدر المناسب من الخدمات والتنمية المحلية بإحسن مستوي وبأقل تكلفة. 7 تشجيع ومساعدة الوحدات المحلية للقيام بالبحوث والدراسات العلمية الخاصة بالتطوير والتنمية المحلية وتوسيع دائرة المعارف لدي العاملين بالحكم المحلي من موظفين وأعضاء مجالس منتخبين بهدف ترجمة سلوكهم الى سلوك تنظيمي. ضابط إداري بالمعاش