الواقع يتحدث ولا مجال للمغالطات التي سيطلقها البعض تجاه عودة ظاهرة «الزار» والتي عادت وبقوة دفع أكبر وأصبحت تخرج عن المألوف في الحفلات العامة وبتصديق من الجهات المسؤولة كمان.. فإن كانت لا تعلم فهي مصيبة.. والمصيبة الكبرى إذا كانت تعلم، ما دفعني لكتابة هذا المقال هو استشراء ظاهرة أغاني الزار في الحفلات العامة.. والأخطر من الزار نفسه تلك الأغاني التي تدعو للجهوية والنعرات العنصرية من مغنيين ومغنيات ليست لهم أي صلة بالغناء فتسمع على سبيل المثال «يا أخوانا البلد دي ما فيها شايقية والاّ شنو، وين النوبة، وين الغرابة، وين الجعلية...؟».. وهكذا بالذمة ده كلام ده؟.. وقد قادني فضولي إلى إحدى الحفلات التي تقام في الأحياء وبدأت المغنية ناعمة في أدائها لأغنية البداية «حقيبة طبعاً».. وبدأت رويداً رويداً في الدخول لأغنيات غريبة الكلمات والألحان.. حاولت أن أفهم منها شيئاً ولكنني عجزت تماماً وأخذت تطرق أذنيّ أسماء على شاكلة بشير لومي، بشير الحبشي، اللولية، والخواجة، وفجأةً تعالى إلى عنان السماء بخور غريب الرائحة فأيقنت أن الأمر مرتبط بظاهرة الزار.. خاصةً مع قرع الطبل بصورة أشد غرابة.. فأذهلني المشهد ثم أخذ الهتاف يتعالى من الجميع بصورة سافرة والصراخ يزداد من الجميع لتبدأ النساء والفتيات «أي والله فتيات صغيرات السن» في التساقط ويعم المكان الهرج والمرج والاختلاط مع كثير من حالات الإغماء.. وللأسف كل هذه المشاهد في حفل عام وسط أحد الأحياء كما أسلفت وبالقرب من مركز الشرطة.. وبعد أن أنهت المغنية أو المرددة أغنيتها تلك.. انجلت ساحة الحفل عن أوضاع مخلة بالآداب والأخلاق كمان.. إضافةً إلى تصرفات غريبة ومريبة من بعضهم.. نعم هذا بالضبط ما حدث في ذلك الحفل.. وفي تقديري زن الحفل تم وفق إجراءاته القانونية المعهودة ولكن فات على جهات الاختصاص والتي تمنح التصاديق.. أن تتابع ما يحدث ويدور بعد التصديق.. وصراحةً إن ما يحدث في هكذا نوع من الحفلات تتحمل وزره جهات عدة يشاركها ويناصفها اتحاد الفنانين والموسيقيين.. حيث يجب أن يُمنح تصديق الحفلات بعد التأكد من استيفاء المغني أو المغنية للشروط الواجب توافرها بدءاً من تقيد المغني بالاتحاد ومروراً بضمان عدم إخلاله بالذوق المجتمعي والأخلاقي المتمثل في الغناء الهابط والمبتذل.. وانتهاءً بحالته العقلية أيضاً.. وأعتقد جازماً أن تلك المغنية لم تكن في حالتها الطبيعية وكما يقول حبيبنا بروفيسور البوني أنا ما بفسر وإنت ما تقصر.. يعني يجب أن يكون التصديق النهائي للحفل ضماناً حقيقياً بعدم الرخلال بثوابت وقيم المجتمع.. ولا أعتقد أن هناك من يرفض تطبيق النظام وإعمال القانون بصورة تحفظ للمجتمع أولاً حقه في التمتع بليالي هادئة.. وللدولة حقها في الأمن والسلامة.. ولصاحب الحفل حقه في التمتع بحقوقه وفق القانون والأخلاق. يعني لا ضرر ولا ضرار.