.. الدنيا عيد.. ومع ذلك نجد أنفسنا نكتب عن مأساة وطن، أطلت برأسها، وتمثلت في قسمته إلى إثنين.. ولم يعد لدينا شك في أن الانفصال واقع واقع.. لا تعبيراً عن رغبة أشقائنا أبناء جنوب السودان، بل تلبية رغبات بعض القيادات الانفصالية داخل الحركة الشعبية، التي تعامل معها شريكها في السلطة - المؤتمر الوطني- بنظريه (حسن الظن) التي لا تنفع في عالم السياسة ، خاصة إذا غابت النظرة الكلية للمصلحة الوطنية، مثلما هي غائبة ومفقودة الآن لدى قيادة الحركة الشعبية، ممثلة في رئيسها - نفسه- الفريق أول سلفاكير ميارديت، الذي بات مهموماً ومشغولاً بوهم التآمر عليه، من قبل الشركاء ومن قبل زملائه في دائرة القيادة الأصغر داخل الحركة. .. الدنيا عيد.. ولا تزال الحركة الشعبية تمارس غيها السياسي وفجورها السلطوي تعتقل في الجنوب أحد قيادات الشباب الوطني وهو يدعو للوحدة.. وتهدد وتتوعد المواطن الجنوبي المسكين المغلوب على أمره في الشمال حتى لا يذهب إلى مراكز التسجيل، وتخوف من بقى في الجنوب ليكون صوته نحو صناديق الانفصال. ... الدنيا عيد.. ولا أمل في الوحدة الآن، فقد مكرت الحركة الشعبية مكراً كبيراً على شركائها وجعلتهم ينشغلون بقضايا إنصرافية وعزمت وعملت على الانفصال.. وهذا يؤكد أن (حسن الظن) لا ينفع في السياسة. .. الدنيا عيد.. ومؤكد أن قيادة الدولة في شبه صدمة من قرار الحركة الشعبية المرتقب بالانفصال عبر تزوير أصوات أبناء الجنوب خلال استفتاء يناير المقبل.. وهذا يجعلنا نتساءل عن الذين كانوا يقدمون ( التطمينات) ويقدمون (حسن الظن) و (النوايا الطيبة) آملين كل الأمل في أن تقود الحركة، الجنوب نحو الوحدة.. مؤكد أن لهؤلاء قدراً كبيراً من المسؤولية، فالذي حدث كبير وخطير قاد من خلال ( التطمينات) الزائفة إلى هذا الذي نراه ماثلاً أمامناً اليوم. .. الدنيا عيد.. وآمل أن ينتبه الساسة إلى أن المخطط الغربي والإسرائيلي قد نجح تماماً في تجزئة السودان، وأن ذات المخطط لم يزل قائماً لتقطيع ما تبقى من بلادنا.. كتبنا من قبل كثيراً منوهين ومنبهين، ونعلم أن قيادات سياسية كثيرة تهتم بما ينشر من آراء أو تعليقات أو تحليلات سياسية، لكن عجلة التآمر كانت أسرع من حركة التحوط.. وحجم التآمر الذي شاركنا فيه الحركة الشعبية بجهل وسوء نية وغدر كان أكبر من أن تحتويه إجتماعات رئاسة أو لجان مشتركة.. والحركة لا تدري أن الجنوب نفسه سينقسم إلى ثلاث دول صغيرة خلال أقل من سبعة أعوام، دول عنصرية وقبلية ضعيفة تكون مطمعاً للجيران ولابسي أقنعة الرأفة والحرص على (استقلال) الجنوب، يخفون تحتها وجوههم الحقيقية وأنيابهم المشرعة لالتهام الأرض والبشر والثروات. .. الدنيا عيد.. ونجد أنفسنا من الداعين والمطالبين بقيام أي شكل من أشكال الوحدة أو الاتحاد مع مصر، لأن في ذلك رداً على الذين استهدفوا العروبة والإسلام في السودان، واستهدفوا أمنه وأمن مصر، ونطرح المبادرة اليوم لعقول وقلوب السياسيين السودانيين، ونأمل أن تجد القبول لدى رموز وطنية نعتز بها، على رأسها الدكتور نافع علي نافع والدكتور غازي صلاح الدين، والدكتور أمين حسن عمر وآخرين داخل المؤتمر الوطني ، وأن تجد القبول لدى مولانا السيد محمد عثمان الميرغني راعي الطريقة الختمية ورئيس الحزب الأتحادي الديمقراطي، ومجموعتة الخيرة الواعية بمصالح الوطن.. ونتمنى أن تجد دعوتنا الرضى والقبول لدى رموز وطنية تمثل كل الوان الطيف السياسي من أمثال المهندس عبد الله مسار والدكتور صديق الهندي وقيادات الشباب والمرأة واتحاد عام نقابات عمال السودان وعلى رأسه البروفيسور إبراهيم غندور، حتى يتم تكوين منبر يوحد الرؤى ويؤطر للفكرة ويحدد الأهداف والوسائل ويتم بعد ذلك التسويق لهذا المنبر من خلال الندوات المفتوحة والندوات المغلقة داخل الاستديوهات الإذاعية والتلفزيونية المختلفة والمقالات الصحفية والحوارات وغيرها. ظللنا نقول باستمرار ولن نمل القول بإن المستقبل لبلادنا سيكون أكثر إشراقاً إذا ما اتحدت إرادتنا السياسية وبحثت سبل الوحدة أو أي شكل من أشكال الاتحاد مع مصر.. وأن تعمل الدولة السودانية (حكومة وشعباً ومؤسسات) لتقوية العلاقة مع الشقيقة السعودية التي تهوي اليها أفئدة المسلمين في السودان حيث الأراضي المقدسة.. والحكمة والاتزان.. أما بعض دول الجوار فإن ضررها أكبر من نفعها، وبعضها يتدخل لإطفاء الحرائق وهو يحمل في يده جالون بنزين شديد الاشتعال وخير دليل على ذلك أزمة دارفور التي تبنت إحدى الدول المجاورة قياداتها وتسليحها والتسويق لها فزرعت الفتنة وزعزعت الأمن بحثاً عن دور لها في المنطقة. .. الدنيا عيد.. ومع ذلك نقول: إنتبهوا أيها الساسة.