أحد عشر عاماً على الرحيل.. أطل الأستاذ المفكر الإسلامي السوداني محمد أبو القاسم حاج حمد في هذه الدنيا في نوفمبر من العام 1941م في أبو حمد بولاية نهر النيل (جزيرة مقرات)، من أسرة عرفت بالعمل العام، فنهل العالم الجليل محمد أبو القاسم حاج حمد من العلم، ولكن سرعان ما تم فصله من مدرسة عطبرة الثانوية لأسباب سياسية إثر نشاطه الجم والمعارض لنظام عبود، وذلك في العام 1962م، ورغم النبوغ التي يتمتع به أبو القاسم حاج حمد إلا أنه رفض العودة للدراسة مجدداً، لكن سرعان ما أتجه أبو القاسم أتجاها عصامياً في تحصيل العلم والمعرفة كان دائماً لصيق الصلة بالجامعات ومراكز الأبحاث والندوات، وكان حاج حمد الكمية التي يقرأها أكثر من البرامج المقررة على الطلاب. حتى أكتسب صفة الباحث العلمي الأكاديمي المتخصص بالذات في مجالات الفلسفة والتاريخ والعلوم السياسية، والعلوم الاجتماعية، وحتى كان يطلقون عليه اسم دكتور وأستاذ، وفي إطار هذا التطور وجد أبو القاسم حاج حمد نفسه عضواً كبيراً في المجامع العلمية، ومستشاراً للمعهد العالمي للفكر الإسلامي في واشنطن، وعضواً مشاركاً وباحثاً في العديد من المؤتمرات، لكن والحق أن أبو القاسم حاج حمد كان متواضعاً جداً، كان يسحب كلمة دكتور من قائمة المشاركين في الورقة المطبوعة، ويقوم بإرسالها لهم ويقول إنني لا أحمل شهادة جامعية، ويأتي الرد هذا تواضعاً منك أنت أستاذ ودكتور ولم تنتهِ حاج حمد هنا بل بدأت جهوده محاضراً في كثير من جامعات ماليزيا العالمية . أما بداية مشروعه الكتابي في العام 1975م، ولكن قبلها كتب عن الوجود القومي في السودان، وكتب أيضاً عن الأبعاد الدولية لمعركة اريتريا وكانت هذه أول مرحلة دخولة عالم الفكر الاستراتيجي ثم كتب (الثورة والثورة المضادة في السودان) أما بداية مسيرته الفكرية أو مؤلفاته الضخمة ومشروعه الفكري الفريد بدأ بمشروع العالمية الإسلامية الثانية، جدلية الغيب الإنسان والطبيعة، ويذهب أبو القاسم بمشروعه الفكري الى أن القرآن والسنة النبوية منضبطتان كمواقع النجوم ولا تناسخ بينهما، أما ما يأتي بعد ذلك فينظر اليها أبو القاسم برؤية نقدية يتجاوز فيها العرف النفسي والتاريخي. والحق أن مشروع حاج حمد الفكري مشروع مبني على النقدية وليس التشككية، أما من ناحية تعامل أبو القاسم حاج حمد مع القرآن هو تعامل السني فقط، وإنما يتعامل معه كمصطلح مع رفضه أي مشترك أو مترادف وأخذ القرآن ككتلة عضوية واحدة دون دخول في قضايا هذا مكي وآخر مدني. وقد رحل أبو القاسم الحمد تاركاً وراءه أعماله الخالدة التي تستحق الرعاية والحماية، يصبح أبو القاسم حاج حمد من المفكرين الإسلاميين القلائل الذي غطى مشروعه الفكري كل قضايا الفكر المعاصر. مؤلفاته: - السودان المازق التاريخي وأفاق المستقبل - العالمية الاسلامية الثانية (جدلية الغيب الانسان والطبيعة) - منهجي القرآن المعرفية (أسلمت فلسفة العلوم الطبيعية والانسانية - أستمولوجية المعرفة الكونية، إسلامية المعرفة والمنهج - الأبعاد الدولية لمعركة أرتريا - دراسة عبر أزمة القرن الافريقي وموقعة في إستراتيجية العدو الصهيوني . - الحاكمية - حرية الإنسان في الإسلام - القرآن والمتغيرات الاجتماعية والتاريخية - جذور المآزق الأصولي وكثير من المؤلفات لم يسعفه الأجل المحتوم لاكمالها.