ما زلنا في حيرة من أمرنا.. وما زلنا نبحث عن إجابة للسؤال اللغز.. ماذا أصاب المجتمع.. وأي داء هذا الذي أصاب الكثير من الأسر.. وأي قوة تلك التي جعلت الكثير من الأرابيب مجرد (أرجوزات).. وحتى لا أشتت أفكاركم أو أشغلكم علي ما أنتم عليه من شغل.. أدخل في الموضوع مباشرة وأتحدث عن آخر ابتكارات بعض قنواتنا الفضائية التي لم يكفها ما تقدمه من تبرج المذيعات والمغنيات.. فزادت على ذلك باقتحامها للمناسبات الخاصة ونقل تفاصيلها للعالم.. رغم ما فيها من مشاهد العري والرقص.. كأن من يتعرين ويرقصن بلا أسر ولا وجيع.. وحتى لا يقول لنا أحد إن الخطأ هو خطأ القنوات.. نقول إذا كانت القنوات لا تستحي وتصنع ما تشاء فلماذا يسايرها أصحاب تلك المناسبات ويسمحون لكاميراتها باقتحام خصوصياتهم.. وكيف يسمح من في قلبه ذرة من رجولة أو نخوة أن تخرج خصوصيات أسرته للناس ويقدم عرضه كالسلع في (فترينات) العرض.. أي عار هذا.. عري بائن ومفاتن (على الهواء مباشرة).. ورقصات مختلطة.. وزغرودات تنطلق من أفواه الحبوبات والخالات والعمات.. ورجال (بلهاء) يلفون(العمم) ويحملون العصي يهزون و(يبشرون) وكأنما الرجولة تتمثل في تلك(العمم) التي يلفونها حول رؤوسهم (الخاوية).. والغريب أنهم هم من يوجهون الدعوات للقنوات المعنية لحضور مناسباتهم وتقديمها للعالم كنوع من التباهي والتفاخر.. والأغرب أن يظهروا وهم في قمة السعادة ومذيع القناة يتجول بين حرائرهم (كالديك وسط الدجاج).. يسأل في غباء عن أخص الخصوصيات. هل يا ترى في ذلك شيء من رجولة.. وهل كان ذلك له وجود في مجتمعنا حتى الأمس القريب.. عفواً إن كنت قاسياً بعض الشيء.. ولكن ما نحن بصدد الحديث عنه يستحق الكثير من عبارات القسوة حتى يرعوي هؤلاء.. وحتى تعود بعض الهيبة المفقودة للبعض..ويعود ذلك الذي كان لا يرتضي أن تلقى نظرة على كريمته في الشارع العام.. ناهيك عن ظهورها عارية على شاشات التلفزة بعد أن كان يخاف عليها من النسيم العليل.. ونقول ذلك حتى يعلم المسؤولون عن تلك القنوات أي إثم يرتكبون.. وأية جريمة يقترفون. نعم المجتمع السوداني بخير.. والنخوة ما زالت موجودة مع قريناتها الكرم والشهامة في نفوس الغالبية.. وأن ما يحدث هو قليل مقارنة بالمجتمع الكبير.. إلا أن مستصغر النار يبدأ من الشرر.. والظواهر الشاذة تبدأ غريبة حتى تتمدد وتصبح سمة من سمات المجتمع.. وهذا ما نخافه.. والأمثلة في ذلك كثيرة ولا حصر لها ولا عد.. لذلك نريد للضمائر النائمة أن تصحو.. ونريد للداء الجديد الإجتثاث قبل أن يستشري في المجتمع.. ويصبح ذلك الظهور (المعيب) جزءاً من مراسم الزواج في بلادنا.. ومن بعدها نتحسر على زمن الغناء للرجولة و(حليل موسى.. يا حليل موسى).