ما أن أنعم الله علينا بقليل من النفط حتى ركبنا موجة أننا دولة نفطية ويجب علينا أن نفاوض الأوبك. في عهد الرئيس جعفر محمد نميري كانت هنالك تصبيرة للشعب السوداني في شكل عينة من بترول السودان في زجاجة ولا أذكر بالتحديد في أي شارع كان. ما أن أنعم الله علينا بما يسد الرمق من النفط حتى بدأنا نفكر أي عقال نلبسه السعودي أم البحريني أم الإماراتي أم العماني. بدأنا نجلب الخادمات الفلبينيات لخدمتنا في بيوتنا، وظهر التفحيط بالعربات الفارهة في كورنيش النيل، وجلبنا في المستشفيات ممرضات وحتى عمال نظافة من الخارج.حتى الدراما السودانية لبست ثوب السودان الدولة النفطية. دعونا نسرد الحقائق الثابتة عنا، فالخرطوم عاصمة السودان تعتبر ثالث أقبح وأقذر عاصمة في العالم، وكذلك تقول الإحصائيات الدقيقة إن معدل متوسط دخل الفرد السوداني في العام وليس الشهر هو 2 ألف دولار مقارنة ب 1550 لدولة جنوب السودان الناشئة. قرأت كتاباً لمؤلف أجنبي بعنوان modern Sudan فحزنت جداً بأننا على بعد 2000 سنة من أن نكون دولة مودرن. احتفلنا قبل أيام بالعيد الستين للاستقلال وما زلنا تلك الدولة الباحثة عن طريقة لحكمها. لا يهمنا من يحكمنا ولكن يهمنا من يملكنا الحقائق بصدق حتى لا نفحط بشارع النيل.. علماً بأنه سيذهب لتناول الشاي من ستات الشاي المنتشرات بكثرة ربما بالدين وأن ما يملكه من حطام الدنيا هو ثمن صحن فتة بوش0الشعوب تتقدم بوعيها وإدراكها أين يقعون في هذه المنظومة الدولية من حيث محاربة الفقر ومستوى التعليم ومن حيث اكتفائها الذاتي بالغذاء ومن حيث استغنائها عن المعونات الدولية وتسديدها للديون التي تزداد يوماً بعد يوم.نحن سلة غذاء العالم ولدينا من النفط ما يكفي لري هذه الأراضي التي حبانا الله إياها وأنشأنا السدود، لم يبق إلا أن نتخلص من وهم النفط الذي أدركت شركة شيفرون من زمن بعيد أنه ليس بالمجزي فانسحبت تاركة وراءها حسرة الرئيس الأسبق جعفر محمد نميري.